مجلة ريحانة الالكترونية

حارَ حبري ..!

تتراءى لي أسطُر صفحتي بين عينيَّ طُرقًا وعرة ! انحنى فكري خضوعا و حارَ حبري خشوعا ، فتحيّر قلمي عن قصده و انقطع به السبيل ، أراه يحاول سلك طريق له على استحياء ! حائر على غير عادته ، الحروف و المعاني لم تزل على عهدها معه ، تتزاحم حول ندى مداده ، لكنه في مرًّته هذه اعتراه قصور مَسك زِمامِها ، ليرتّبها كلمات تَبني له جميل المعاني الجُمل ، فنداء الوجدان يفتأ يردد في مسمعه همسًا ( تأنِّ يا قلمي .. و ما أدراك ما فاطمة!!) ..
 


نعم لإن شخصيتي المبتغاة في هذا المقام هي الحوراء الإنسية ، فكيف لي بوصف من خالطت بشريتها الملكوت ؟! ماذا عساي أن أكتب فيليق بالجلال أو يصف كُنه الكمال ؟! أأصف جمالًا وارته عن مرأى عين  الخيال عِفّة الطُهر و التُقى ؟! أم أصفُ كمالًا وارت كُنهه عن إدراك العقول العظمة و العلا ؟! أأتحدث عن التكوين الذي كان أصله مائدة نزلت من السماء ، ثم ثبّتت بالميلاد و ذكراه عيدًا لأولنا و آخرنا ؟! أم أتحدث عن حياة جهادية لا تُستثنى لحظة من لحظاتها في نصرة الدين و مبادئه و تثبيت قواعده ؟! ،  أم عن تبتُّل لبتول عرفت ربها حق معرفته ، فعبدته بكل جارحة فكانت مِنحتها من ربّها تكبيرات كبّرت بها عظيم في وجدانها لا يُقاس .. و تحميدات حمدَت بها آلاؤه بلا مقياس .. و تسبيحات نزهته تعالى مع الأنفاس ، بتسبيحة دانت لعدد حبّاتها كل مَسبَحة عبر العصور !

و إن عنونتُ أسطُري بعناوين تحكي عن حكايات الحَمل المبارك و الولادة الطاهرة ، أو عن غيض من فيض من سيرتِها العطرة و مواقفها الجليلة ، أو عن  مكانة تسنّمت فيها مولاتنا رتبة الحُجّة على الحُجَج .. فهل عسى القلم سيصمد أمام عنوان يأتي،  مَفادُه  (ما جرى على الزهراء من مصاب) .. أخالُ سواد حبره سيتحول لحمرة قانية كلما نزَف ، يُحاكي بوَجدِه حُمرة دماء سالت بين الحائط و الباب .. سيُريعه صمت يجيب نداءات ابنة عميس حين نادت ثلاثًا يا بنة رسول الله، فلا من مجيب !. لا شك أن نبضه سيخفق ألمًا مع خفقة يد الأمير عليه السلام في ثنية الضلع المكسور حين تغسيل الجسد الطاهر .. و هل تراه سيحتمل وصف أشجان نَثرَ ما نَثرَ منها أمير المؤمنين في لحظات الوداع الأخير و هو جالس على شفِير قبر ضمّها في زهرة العمر و شبابه ؟! هل سيحتمل وحشة سواد حلت على البيت العلوي المقدس ؟! أم هل سيحتمل سمعه بكاء زينب و أنّات للحسنين ، و حشرجت آهات لأمير المؤمنين يردد معها قول إنا لله و إنا إليه راجعون ؟! هل تراه سيشعر بذاتٍ له ، أم أنه سيعيش الضياع لتغييب القبر المظلوم و إعفاء ثراه ، فلا يجد له رسمًا أو أثرًا يدل عليه فيوصف ؟! حارَ حبري فماذا أكتب؟!!

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه