مجلة ريحانة الالكترونية

الشاعرة الإيرانية “بروين اعتصامي”

بروين اعتصامي ، تعتبر سيدة الشعر في زمانها و المدافعة الكبرى عن الحق و الحقيقة، و كانت- في هذا المجال - أقرب إلى هدى الشعراوي في مصر ، و أبي قاسم الشابي في تونس.

حياتها و نشاطها:

“بروين” كلمة فارسية ، تعني با لعربية “ ثريا ” ، ولدت في مدينة تبريز عام 1906 م ، فتحت عينها على الحياة ، و قد فقدت والدتها ، و هي صغيرة، و نشأ اليتم معها ، و رافقها حتى اللحظات الأخيرة من حياتها، و كان أبوها ، يوسف خان الأنشياني ، الملقب باعتصام الملك “اعتصامي” ، انتقل بها إلى جانب اللغة الفارسية و الأدب إلى طهران في وقت مبكر، و في هذه المدينة ، تلقت بروين دروس اللغة العربية ، و آدابها إلى جانب اللغة الفارسية ، و الأدب الإيراني، فأحاطت علما و معرفة بكبار الكتاب و الأدباء و أعمالهم، و كان والدها ، يرفدها بآخر نتاجاته الأدبية ، التي يترجمها من اللغة العربية و الفرنسية لبعض عمالقة الفكر و الأدب، كما كان يشرف على مجلة أدبية اسمها (بهار) ، ( بمعني الربيع ) ، و قد نشرت بروين قصائدها في هذه المجلة فيما بعد.
 
أدخل الأب “بروين” المدرسة الأمريكية للبنات ، لتكون على علم و معرفة بالآداب الأجنبية ، تفرغت  بروين لدراسة اللغة و الأدب الانجليزي، و تعرفت على كبار الكتاب في انجلترا و أمريكا، و من المفيد هنا الإشارة إلى أن السعادة ، لم تكتب لهذه الفتاة في حياتها ، إذ أنها عندما بلغت الثامنة و العشرين من عمرها ، تزوجت من ابن عمها بعد استعدادات مسبقة ، امتدت إلى أكثر من أربعة أشهر، و ذهبت إلى عشها الزوجي في مدينة “كرمنشاه” ، حيث يقيم زوجها، ولكنها عادت إلى طهران ، و طلقت فيما بعد، و ذلك بعد شهرين و نصف فقط من ذلك الزواج ، الذي عبر عنه البعض ، بأنه كان غلطة و حجرا رموه في ميزان غير متكافئ الكفين ، و ذلك لأسباب كثيرة ، أبرزها عدم توافقها فكريا مع زوجها،
توفي والدها عام (1937) ، الذي كان من أفاضل زمانه في الأدب،  و كان هذا الحدث كارثة في حياتها ، باعتبار والدها ، كان معلمها و مرشدها ، فبكته بكاء مرا هستيريا مؤثرا، و توفيت، بروين مبكرا عام (1941) أي أنها عمرت (35).

شخصيتها:

كانت “بروين” ، تتمتع بخصال حميدة و أخلاق فاضلة جعتلها موضع اهتمام و احترام العديد من الوجوه الأدبية و الاجتماعية في بلدها و خارجه، تقول الأدبية و الشاعرة الايرانية “حكيمة محصص” عن صديقتها ، “بروين” ، إنها وفية في صداقتها ، صادقة القول في حياتها، ذات صلة مفرطة بالأخلاق العالية و السجايا الحسنة، التي تعلو كل شائبة ، بما يدخل السرور على روحي، و كانت طاهرة العقيدة، مهذبة، مخلصة لصديقاتها، و متواضعة، راسخة الخطى، قليلة الكلام كثيرة التفكير، تتسم حياتها بالبساطة، لاتقول شيئا يبعدها عن مضمار الأخلاق الحميدة، باختصار كانت كالملاك الطاهر”
و يقول الشاعر ، محمد جمال الهاشمي في قصيدة ، نشرت بمجلة “الثقافة المصرية” عدد 130 سنة 1942 ، أي بعد عام من وفات الشاعرة ( و الذي كان معجبا ، و متأثرا بها كثيرا).
                                            “ أيها المرأة الأديبة في الشرق  
                                                                                 ورمز الشرقي في تفكيره
                                                حرت في فكرك الخصيب 
                                                                                 جاء به للعقول في تصويره
 
و يقول أيضا :
                                            “ زهرة الفرس ليت شعري أيبكي
                                                                                روض إيران فقد أذكى زهوره
                                               قد تمشي الذبول فيه وأيار
                                                                                طوى فيه حسنه وعبيره ..”
 
 
لقد كانت بروين ، تللك الشاعرة ، التي دعت إلى انتشار ثقافة المرأة ، و إعطائها مزيدا من الحرية الشخصية، و مزيدا من التنفس، و الاستماع إلى رأيها، و تلبية حقوقها ، التي ترهلت مع الزمن، و أساء الناس فهمها، و رأت في المرأة شريكا لا يستغنى عنه الرجل، لأن الحياة صعبة، و لايمكن مجابهتها فرادى، مثل المرأة و الرجل كمثل السفينة و الربان ، فإن كانت السفينة محكمة، و كان ربانها عاقلا فلا خوف من الموج و الإعصار، و ما هذه الفتاة اليوم الا أم المستقبل ، و بيدها مستقبلهم ، و هذا أقصى ما دافعت به عن المرأة.
 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه