مجلة ريحانة الالكترونية

النموذج المطلوب !

جاء الإسلام و نفض عن الموؤدة ترابها ، رفعها من تحت أطباق ثرى المهانة و الضِعة ، ليرفعها مراتب .. فجعلها الرحمة للآباء ، و الفخر للأخوة ، و الكريمة عند الزوج ، حتى أن سنّمَها  مكانًا عليّــًا لا تعلوه مكانة ، مرتبة سمت فوق الجنة لتكن تحت أقدامها كأم .. و فتح لها ميادين الحياة لتساهم في إعمار الأرض بدورها الفاعل حسب ما خصّها تعالى به من خصائص و مميزات

.. و لتخوض هذا المعترك بأمان كريمة مصانة ، كرّمها بحلة الحجاب ، و جعل الحجاب فرض عليها بجانبيه المادي و المعنوي ، و هذا الفرض وِفق مقايس حصرها فقهاؤنا في ثلاث سمات .. أن يكون الحجاب فضفاضًا واسعًا لا يجسد الجسم ، و ساترًا غير شفاف ، و لا يحمل الزينة على ظاهره أو يكون زينة بذاته .. مواصفات لم تجعل الحجاب حكرًا على شكل معين ، لكنها فتحت أبوابًا للتكامل فيه ، و لا أكمل من حجاب ولائي كان حجاب الزهراء له قدوة تُحتذى ..

و هذه المقايسس مستفادة من آيات ضمّنها تعالى كتابه الكريم مع بيان الحكمة .. قال تعالى :(  وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)الأحزاب/53  .. و قال تعالى :( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )سورة الأحزاب /32 .. و في آية كريمة أخرى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ )الأحزاب/59

فحتى تبقى النفوس على طهرها و لا يطمع من في قلبه مرض و حتى لا تُؤذى المرأة ، و لكي تشق طريقًا فاعلاً بالعطاء ، كان الحجاب لها سترًا حصينًا بتلك الصورة المشرقة بالعزة و الكرامة ..

إذن فالمستفيد الأول من الحفاظ على الحجاب هي المرأة نفسها ، فما عدا مما بدا لتُحارب المرأة حصنها بنفسها ؟!! ماذا عساه طرأ لتنقلب الصورة ؟!!

ترى من  الذي أعطى السلطة لأفكار وضعية بأن تعبث بحكم شرعي باسم التطور ؟!

ما الذي أدخل في قناعة بعض المسلمات أن الحجاب تخلف و لابد من التحرر منه أو من بعضه كي تتقدم ؟!
ما الذي ثبّت فكرة أن مهما تحصلت المرأة على رتبة علمية أو عملية عليها أن تغير حجابها و كأن حجابها الأول لا يتناسب مع هذه الرتبة ؟!

و إن قربنا من محيطنا الاجتماعي الأصغر نتساءل:

ما الذي جعل العباءة تضيق و تضيق حتى لا يكاد يلتقي طرفاها فتستر ما وظيفتها ستره ؟!
ما الذي جعل و ظيفة العباءة حمل الزينة بعد أن كانت وظيفتها سترها ؟!
ما الذي أنزل التاج القدسي مرتبة ، من أعلى الرأس للكتفين ؟!
ما الذي رسم انطباعًا في الأذهان بأن العباءة الزينبية بالتحديد لا تُخفي وسطها إلا أمرأة عجوزًا أو ذات فكر جاهل بعيد عن الوعي ؟!
ثم مَن الذي قال إن المرأة المحافظة على سترها الكامل هي من تحصر عطاءها ضمن أسرتها و لا تتعداه لتقدم عطاء للمجتمع أو لتتحصل على مزيد من علم و ثقافة ؟!

متهمي الوحيد في هذه الجنايات هو الفكر المعادي لإسلامنا .. و هو حكم قد لا يختلف فيه اثنان ، لكن على يد من نُفذت هذه الجنايات في حق المرأة و حق المجتمع الإسلامي في أوساطه ؟! ـ برأيي ـ على يد المرأة نفسها مع الأسف !!

أختم بالنموذج الأمنية .. ما تتوق له الروح الإيمانية الواعية ، أن يعم في المجتمع المسلم نموذج المرأة المثقفة الواعية التي لا يكن حجابها المتكامل الساتر محل التزامها و حسب ! و إنما محل فخرها و اعتزازها ، و محل قناعة ذاتية لا تتحرج مع الالتزام به من نظرة منتقص ، و لا تُؤثر فيها فكرة عدو عابث .

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه