مجلة ريحانة الالكترونية

مقارنة بين المنهج الإسلامي والمنهج المادي في بناء الاُسرة (خامساً : العدل )

من مظاهر سمّو وكمال المنهج الإسلامي ، أنه يجعل العدل والقسط حجر الزاوية في توجّهاته

الاجتماعية وخاصّة في مجال الاُسرة ، قال تعالى : ( يا أيُّها الذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط ) (1) ، وقال أيضاً : ( ولايجرِمنَّكُم شنآنُ قومٍ على ألأَ تَعدِلُوا اعدِلوا هُوَ أقربُ للتقوى ) (2).
وهكذا نجد أنّ الأحكام الشرعية المخصّصة للاُسرة تتميز بالعدل والانسانية ، ومن الشواهد على ذلك : أنّ التشريع القرآني عندما يلزم الأم بارضاع ولدها يلزم والده ـ في مقابل ذلك ـ بأجرها على الرضاعة ، ويراعي التشريع القرآني النواحي الإنسانية أيضاً حيث إنّه أكّد على حقّ الطفل في التمتع بحنان الأمومة وحق الأمّ في حضانة ولدها ، يقول تعالى : ( والوالدات يُرضعنَ أولادهُنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتمَّ الرَّضاعة وعلى الموّلود له رزقُهُنَّ وكسوتُهُنَّ بالمعروف لا تكلَّف نفسٌ إلأَ وسعها لا تُضآرَّ والدة بولدها ولا مولودٌ له بولده .. ) (3).
وولاية الرجل على الاُسرة تحتّم عليه أن يلتزم العدل وإلاّ تعرض للعقوبة الإلهية القاسية.
ومن الشواهد الاُخرى التي تثبت أنّ المنهج الإسلامي يرتكز على قاعدة العدل ، هي التزامه بمبدأ « رفع الحرج » وعدم تكليف الناس ما لا يطيقون.
أما المنهج الاُسري الوضعي فلا يراعي في تشريعه العدل المطلق ، وذلك لأنّ الذين يضعون القوانين هم بشر يؤثرون العاجل على الآجل ولايمكنهم أن ينسلخوا من طباعهم ؛ ولذلك نراهم يميلون بالقوانين إلى الوجه الذي يتفق مع مصالحهم وينسجم مع أهوائهم ، وأحيانا كثيرة يشرعون القوانين الظالمة بسبب جهلهم بالعدل المطلق وقصورهم عن إدراك أبعاده.
فقد لوحظ ( أنّ قوانين ـ وضعية ـ كثيرة لا تسوي في العقاب بين الرجل والمرأة عند الخيانة الزوجية ، ومن هذه القوانين القانون الفرنسي والقانون الايطالي والقانون المصري ، فهذه القوانين تحابي كلّها الرّجل في كونها تحدّ من نطاق مسؤوليته الجنائية عند خيانته الزوجية ، وتضيّق الخناق على المرأة في مسؤوليتها عن خيانتها لزوجها ، فقد فرّق القانون في هذه الدول ـ بغير مقتضي ـ بين زنا الزوجة وزنا الزوج ، فعاقب الزوجة الزانية أيّاً كان ارتكابها للجريمة ، ولم يعاقب الزوج إلاّ إذا ارتكب جريمته بمنزل الزوجة ، أما إذا ارتكبها في أي مكان آخر غير هذا المنزل فلا جريمة عليه ) (4).
ممّا تقدّم تبيّن لنا الفروق الجوهرية بين المنهجين الإسلامي والمادي بخصوص الاُسرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) سورة النساء : 4 / 135.
2) سورة المائدة : 5 / 8.
3) سورة البقرة : 2 / 233.
4) الزنا : أحكامه ، أسبابه : 165 و 51.

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه