مجلة ريحانة الالكترونية

صلاح الآباء في كلام باقرالعلوم (عليه‌السلام)

إن للآباء دوراً هاماً في بناء الأجيال، وأثراً عميقاً في نفوسهم، فكان لابد من توعية الآباء بحقيقة رسالتهم التي ينبغي أن يسيروا عليها ويعلمّوها أولادهم؛ لأن الولد يتابع والده في حركاته وسكناته،

فلا يظن  الوالد أن ولده أعمى! ولدُه ينظر إليه مثل ( كاميرة المراقبة)، قد يفعل الفعل ولا ينظر إليه، فيأخذ الولد منه الأسوة والقدوة، فصلاح الأبناء مرتبط بصلاح الآباء، وإذا فسد الآباء فسد الأبناء (ولا يستقيم الظل والعود أعوج)، وإن الناظر إلى حال البشرية على مر العصور يجد أن الصد عن سبيل الله والدين إنما كان باتباع سنن الآباء واقتفاء أثرهم، فكان من الواجب بيان أهمية صلاح الآباء وأثرهم على أولادهم.
كما جاء في الخبر عن الامام الباقر عليه السلام حيث قال: «يحفظ الأطفال بصلاح آبائهم كما حفظ الله الغلامين بصلاح أبويهما».(1) وهنا يُبيّن الإمام الباقر عليه السلام هذه القضية بذكر مثال واضح من القرآن الكريم في قصة نبي الله موسى عليه السلام مع العالم عندما سأله لماذا أقمت الجدار، ولم تأخذ أي أجر منهم، وأنّ أهل القرية أبوا أن يقدموا لنا الطعام، فهنا قال له العالم: (أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)،(2)  وبدأ بتبين ما فعله حتى وصل إلى إقامة  الجدار وبناءه حيث قال له:( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ)،(3) فمرةً أخرى يبين لنا الامام الباقر عليه السلام أهمية صلاح الوالدين، وينقل لنا حديث عن آبائه عن جده النبي الأكرم صلوات الله عليهم أجميعن: «إن الله ليخلف العبد الصالح من بعد موته في أهله وماله وإن كان أهله أهل سوء».(4)
ومن هذا المنطلق نريد أن نبحث عن أمور مهمة ترتبط بالوالدين مباشرة وهي تعليم الأبناء على أداء العبادات وترغيبهم على الاستمرار عليها، وهنا نأخذ الصلاة كنموذج من العبادات.
فأهم أسلوب لتربية الأولاد هو قيام الوالدين بالعبادات بصورة صحيحة ومنتظمة والتزامهما بها؛ لأن من عادة الطفل أن يتابع حركات والديه، ويتشجع هنا على أداء الصلاة، وذلك من خلال تحفيز الطفل على تقليد حركات الأم والأب والوقوف إلى جانبهما في الصلاة، حتى إن لم يدرك الطفل ما يفعله.
ويوصى أن يتعليم الطفل الصلاة في السنة السابعة من عمره، حيث قال الإمام الباقر عليه السلام : «اِنّا نَاْمُرُ صِبْيانَنا بِالصَّلاةِ اِذا كانوا بَنى خَمْسِ سِنينَ، فَمُرواصِبْيانَـكُمْ بِالصَّلاةِ اِذا كانوا بَنى سَبْعِ سِنينَ»؛(5) وذلك من خلال التدرّج في تعليمه بعض أحكام الطهارة، وشرح العلاقة بين الطهارة والصلاة، كما يجب تعليم الطفل الوضوء بشكل صحيح، وتدريبه على حفظ بعض قصار السور مثل سورة الفاتحة والإخلاص والنَّاس والفلق، ومن الأفضل على الوالدين أن يربطا الطفل بالعبادة مثلاً:
إذا طلب الطفل النوم قبل أداء الصلاة، فعلى الأم والأب أن يقولا له انتظر حتى نُصلّي، وننام.
وينبغي أن تربط المواعيد والزيارات بالصلاة، فإذا طلب الطفل الخروج من المنزل نقول له نصلي، ثم نخرج، أو أن نقول له سنذهب لزيارة الأقارب بعد صلاة المغرب أو العشاء.
كما ينصح أن يتدريب الطفل على أداء الصلاة في أصعب الظروف، فإذا مرض الطفل يجب أن يحثّه الوالدان على القيام بالصلاة بقدر المستطاع.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الأنوار: ج 71، ص 236.
2ـ سورة الكهف: 72.
3ـ سورة الكهف: 82.
4ـ بحار الأنوار: ج 71، ص 236.
5ـ الكافي: ج3، ص 409.

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه