مجلة ريحانة الالكترونية

الحجاب عند الاقوام و الملل (1)

كان الحجاب معروفاً عند الأقوام و المجتمعات الشرقية قبل الإسلام و لايزال لحد ألان ،

ولكنه يختلف من بلد إلى آخر ، و من منطقة إلى أخرى ، لإن أصله واحد و هو ألأديان السماوية ألمنزله من الله تعالى . و عندما جاء الإسلام أكد عليه و أوجبه . ولكن بمجيء الاستعمار الحديث حصل للحجاب في البلدان الإسلامية و غيرها نكسات و ويلات ، و ذلك لإن الاستعمار يهدف إلى تحطيم الشخصية الإسلامية ، فعرفوا نقطة ضعف الإسلام هي ( نشر الفساد ) ، الذي لا يكون إلابخلع الحجاب عن المسلمات . و في هذا البحث المختصر نستعرض تاريخ الحجاب بدأ من الأديان السابقة و الى يومنا هذا ، و هو على ما يلي :

 

- أولاً : ( الحجاب في التوراة ) ، الذي جاء به نبي الله موسى بن عمران(ع) فانه على الرغم من تحريفه يزخر بآيات كثيرة في موضوع وجوب الحجاب مثلاًُ جاء فيه( فادخلها اسحق إلى خباء سارة أمه و اخذ رفقة فصارت له زوجة و أحبها )  ، و الرفقة هو نوع من أنواع الحجاب.

- ثانيا ً : ( الحجاب في الإنجيل ) ، الذي جاء به نبي الله عيسى بن مريم (ع) مؤكداً بوجوب الحجاب على النساء في كثيرة من آياته على الرغم من تحريفه ، و أن النساء في ذلك الوقت امتزن بالحجاب ، و بضرب الستر على أنفسهن كي لايراهن رجل أجنبي ، فورد فيه مثلاً ، ( و قالت للعبد من هذا الرجل الماشي في حقلنا للقائنا ، فقال العبد هو سيدي فأخذت البرقع ، و تخطت ).

- ثالثاً ( الحجاب عند اليونان ) ، كان الحجاب معروف عند اليونان في بادئ الأمر ، ثم منه انتقلت إلى المجتمعات الأخرى ، و لذا دامت حضارتهم زمناً طويلاً بسبب حجاب المرأة ، ثم انحطت ، و تدهورت تلك الحضارة العريقة بسبب إباحة الحرية المطلقة للمرأة ، فألقت حجابها ، و سترها ، و أطلقت يدها للتدخل في شؤون الرجال و الدولة إلى أن أسقطت تلك الدولة العظيمة ، كما تقول دائرة المعارف الكبرى ، ( إن عمران المملكة اليونانية ، كان سببها عدم اختلاط المرأة مع الرجل في ميادين العمل ، و كن يشتغلن في بيوتهن ، و يغالين في الحجاب لدرجة أن الدية - القابلة - لاتخرج من دارها ألا محفورة ، و وجهها ملثم باعتناء ، و عليها رداء طويل يلامس الكعبين ، و فوق كل ذلك عباءة ، لاتسمح برؤية شكل قوامها ).

- رابعاً : ( الحجاب عند الرومان ) ، و كذا عرف الحجاب عند الدولة الرومانية ، حيث دامت زمناً طويلاً بسبب حجاب المرأة كما يقول العلامة ( لاروس ) في مسالة الحجاب( كان النساء يستعملن الخمار ، إذا خرجن ، و يخفين وجوههن ، و كانت النساء تستعمله في القرون الوسطى ، و استمر إلى القرن الثالث عشر ، حيث صار النساء يخففن منه إلى أن صار كما هو الآن نسيجا خفيفاً ، يستعمل لحماية الوجه من التراب و البرد ، وقد كان لترك الحجاب و عدم استقرار المرأة في بيتها ، أقبح نتائج سوء في الدولة الرومانية ، إذ أدى إلى سقوط تلك الدولة العظيمة و تأخرها ).

- خامساً : ( الحجاب عند عرب الجاهلية ) ، عرفت العرب في جاهليتها الحجاب ، فكانت تعتبره من سنن المحبة فالبنت عندهم إذا بلغت سن الزواج ، تعرض على الحي ليتزوجها ، ثم لاتحسر عن وجهها إلى عند نزول المصيبة. و عرف الحجاب عندهم بصور متعددة ، فمنه ( القناع ) ، كما قال الشنفري يصف زوجته ( لقد أعجبتني لا سقوطاً لقناعها ) ، و منها الخمار و البرقع و النقاب و الجلباب و العباءة و الأزرار و الملحفة و الدرع و الهودج ، و هو محمل المرأة.

و كانت النساء تلبس الحجاب على أنواع منهن ، تستر جميع جسدها ألاالصدر و العنق و تزينه بالذهب و ما شابهه. و منهن تستر بدنها كله ، و لاتكشف منه شيء ، ولكنها تخالط الرجال ، و تجلس بقربهم جنباً لجنب . و منهن تكشف بعض خصلات من شعرها . و منهن لايسترن إلاقليلاًَ من أبدانهن مع كشف الشعر ، و المتن ، و العنق إلى أخره . و لذلك قال الله تعالى : ( وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لَاتَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )

- سادساً : ( الحجاب في الإسلام ) ، عندما جاء الإسلام أوجب الحجاب أيضا على المرأة ، لما فيه من فوائد اجتماعية و محاسن خلقية ، و جعل له حداً ، و حرم عليها التبرج الذي يخالف الخلق و الأدب و الإنسانية ، و أباح لها المعاملة مع الآخرين و العمل خارج المنزل بشرط المحافظة على الحجاب. و ذكر في القرآن الكريم آيات كثيرة تحث ، و تأكد على الحجاب ، كما في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَ بَنَاتِكَ وَ نِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ) . و كذا قال تعالى : ( وَ لَايُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَ لَايُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ) . و كذا قال تعالى :(وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) .  و كذا قال تعالى : ( وَ إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ).

- سابعاً : ( الحجاب في بعض البلدان الإسلامية ) ، وعندما بدأت الثورة الصناعية تدب في العديد من بلدان الغربية استطاعوا ، أن يحتلوا كثير من البلدان الإسلامية ، و كان الحجاب هو السد المنيع بوجه مخططاتهم الاستعمارية ، ولذا بدئوا في محاربة الحجاب ، فتفننوا في ابتداع أساليب جديدة من التبرج و السفور من الملابس الضيقة و الشفافة و المساحيق و الطلاء و العطور المثيرة للشهوات ، لتغمر أسواق المسلمين مع الدعاية لها ، و إنها من الحضارة و الحجاب من التخلف وا لتعقيد و منعهم الحجاب و المحاسبة عليه ، كما حصل في كثير من البلدان الإسلامية منها ما يلي:

1 - الحجاب في العراق : كانت النساء في العراق ، يلبسن الحجاب التام المتكون من عباءتين الأولى تصل إلى نصف الساق و الثانية طويلة ، بحيث لا يبين قدم المرأة و كل ذلك مع ستر الوجه ، و مجيء( عبد الكريم قاسم ) عام (1963 م) إلى الحكم ، و انتشار الحزب الشيوعي الكافر ، فشاعت شعارات الحرية و تحرير المرأة ، فانتشر السفور في اغلب المدن العراق ، و أصبح هو الغالب ألا في المدن المقدسة النجف ، و كربلاء ، و الكاظمية ، و بمجيء حزب البعث خصوصاً في أوائل حكم الطاغية ( صدام حسين ) ، كانت المحجبات يطردنّ من المدارس ، و يحبسن ، و يعدمنّ كما حصل ذلك للشهيدة بنت الهدى و رفيقاتها.

2 - الحجاب في الكويت : كان أهالي الكويت من اشد الناس محافظة على الحجاب ، و ان كان بعضهم يدعم السفور و التحرر ، و قد استحوذ موضوع الحجاب على صحف و مجلات الكويتية في الخمسينات ، ففي سنة 1955م تم حرق الحجاب ، و في عام 1956م تم إحراق البوشية في ثانوية البنات من قبل وزير المعارف( عبد الله الصباح ) ، و قال لأحدى الطالبات اللابسة البوشية( هذا شيء كثير ) . فردت عليه ابنته ( مي ) ، و قالت: ( علم و حجاب لا ينسجمان. لقد قررت جميع الطالبات أن يخلعن البوشية و الحجاب إلى الأبد ، و لقد جاء دور المرأة الكويتية لتتحرر ).

3 - الحجاب في السعودية : لقد مر على المرأة السعودية و دعوتها إلى التغريب ما مر على أخواتها في البلدان العربية ، حيث دعيت إلى التبرج كثيراً ، في المجلات و الصحف و غيرها ، كما نشرت جريدة اليوم : ( مزقيه. ذلك البرقع . و ارميه . أي شؤم أنت فيه ؟ ، أي ليل أنت فيه أي سجن أنت فيه... ) ، و نشرت أحدى الجرائد السعودية : ( إن الحجاب سينتهي بعد قرن من الزمان ، و إن المرأة سوف تسير في الشارع ، و تجلس في المقهى ، ليس في لندن أو باريس ، و إنما في الرياض . و أنه سيكون هناك سينما و ممثلات و مخرجات ، و أن النساء سوف ترتاد النوادي كغيرهن ).

4 -  الحجاب في سوريا :  مزق رجال ( البعث ) في الحجاب في شوارع دمشق في أول مجيئهم سنة(1960) ، و منعوا المحجبات من دخول المدارس بحجابهن.

 5 - الحجاب في مصر :  بدأت محاربة الحجاب في مصر على عهد محمد علي باشا سنة1826 م ، حيث دعي إلى القضاء على الحجاب ، فتصدى لأفكاره كثير من المسلمين منهم الكاتب ( قاسم أمين ) ، فتصدى لهذه الأفكار برفع شأنية الحجاب ، ولكن تصديه لم يستمر طويلاً فسرعان ما تأثر بالغرب فأصدر كتابيه ( تحرير المرأة ) ، ( المرأة الجديدة ) سنة 1899م ، ضد الحجاب ، و زعم أن الحجاب ليس من الدين الإسلامي . و من بعد موته قام بحمل الراية ( حزب الأمة ) برئاسة ( سعد زغلول ) ، فنضم مظاهرة نسوية ضد الحجاب يوم 20 مارس 1919م  ، و قمن بنزع الحجاب ، و أحرقه في ميدان التحرير.


رابط الموضوع

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه