مجلة ريحانة الالكترونية

مبدأ الأخوّة الإيمانية مثالية عالية

لقد سبق أئمتنا : علماء الاجتماع في الدعوة إلى تقوية الأواصر الاجتماعية لدى الناس ، وقد ثبت

أن ذلك يؤدي إلى ارتقاء الإنسان ، لذلك حثوا شيعتهم على تحقيق أعلىٰ درجة من الاندماج والتعاون ، عن محمد بن عجلان ، قال : كنتُ عند أبي عبدالله عليه‌السلام ، فدخل رجل فسلّم ، فسأله عليه‌السلام : « كيف من خلّفت من اخوانك ؟ قال : فأحسن الثناء وزكى وأطرى ، فقال له : كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم ؟ فقال : قليلة ، قال عليه‌السلام : وكيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم ؟ قال : قليلة ، قال : فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم ؟ فقال : إنّك لتذكر أخلاقا قلّما هي فيمن عندنا ، قال عليه‌السلام : فكيف تزعم هؤلاء أنّهم شيعة ؟! » (١).
وعن سعيد بن الحسن ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : « أيجيء أحدكم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه ؟ فقلت : ما أعرف ذلك فينا ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : فلا شيء إذن ، قلت : فالهلاك إذن ! قال : إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد » (٢).
وبتعبير آخر أنه يقول له بانكم لن ترتقوا إلى المستوى الاجتماعي المطلوب الذي تغيب فيه الأنا (الذات) وتسود فيه الرّوح الجماعية التعاونية ، إلا بإزالة الحواجز السميكة التي تحول دون ذلك كالأنانية والأثرة. بطبيعة الحال أراد الإمام عليه‌السلام أن يرشدهم إلى الوصول إلى سقف تعاملي أعلى يتناسب مع طموحات أهل العصمة ( سلام الله عليهم ) ، وإلا فان الوصول إلى مستوى الأئمة في درجة التكافل دونه خرط القتاد.
لقد ترجم أهل البيت : أقوالهم إلى سلوك سويّ ، أصبح قدوة حسنة لمن أراد الاقتداء بهم ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، كان الإمام السجاد عليه‌السلام ، حريصاً على التكافل مع الآخرين وإن كانوا من أعدائه ، قال الواقدي : كان هشام بن إسماعيل يؤذي علي بن الحسين في إمارته ، فلما عزل أمر به الوليد أن يوقف للناس ، فقال : ما أخاف إلا من علي بن الحسين وقد وقف عند دار مروان وكان علي قد تقدم إلىٰ خاصته ألاّ يعرض له أحد منكم بكلمة ، فلما مر ناداه هشام : الله أعلم حيث يجعل رسالته.
وزاد ابن فياض في الرواية في كتابه : « أن زين العابدين أنفذ إليه وقال : أنظر إلى ما أعجزك من مال تؤخذ به ، فعندنا ما يسعك ، فطب نفساً منّا ومن كل من يطيعنا. فنادى هشام : الله أعلم حيث يجعل رسالته » (3).
إن الأئمة : يتحركون بدائرة واسعة من المبادئ ، يريدون منّا أن نقتدي بهم حسب المكنة والاستطاعة ، وإلا فمن منا يُسرع إلى قضاء حوائج عدوّه ؟!
******************************
(١) أصول الكافي ٢ : ١٧٣ / ١٠ ، باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه من كتاب الإيمان والكفر.
(٢) أصول الكافي ٢ : ١٧٣ / ١٣ ، من الباب المتقدم.
(3) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٠١.

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه