مجلة ريحانة الالكترونية

ما هي منزلة المرأه و مقامها في الاسلام؟ و هل هي مساوية للرجل؟

في الرؤية الاسلامية انه يجب أن يسعي الرجل و المرأة نحو هدف مشترك و هو الوصول إلي أوج قمة الكمال الانساني،

و كلاهما متساويان في القدرة للوصول الي هذا الهدف، و ان اختلاف الجنس - و هو لازم الخلقة - ليس له دور في إيجاد أو زيادة الاستعداد و القدرة و ليس له دور في التقييم الديني. إذن فلا كمال المرأة هو في أن يكون لها مقام مثل مقام الرجل، و لا ان للرجال ان يفخروا بجنس رجولتهم.
فمن وجهة نظر الاسلام:
- المرأة مظهر و رمز للجمال و الظرافة و السكن.
- المرأة و سيلة لسكون الرجل، و الرجل سند و مسؤول عن المرأة.
- التقرب الي الله، الاستفادة من نتيجة العمل الصالح، السير في مسير السلوك لا يختص بجنس معين.
- اختلاف الرجل عن المرأة في الاحكام ليس ناشئاً من الظلم و تقديم الرجل، بل هو ناشئ من المسؤولية الكبري للرجل و وظيفته في قبال الاسرة و المجتمع.

مفصل:
اذا لم نغمض أعيننا عن الواقع، و نري الظواهر كما هي لا كما نحب نحن ان تكون، و حينئذ ننظر و نتحدث، نري انه ليس كمال المرأة هو ان يكون لها مقام كمقام الرجل و لا انه يجوز للرجال ان يفخروا بجنس رجولتهم. فالواقع هو ان جسد الخلقة الانسانية خلق من نصفين مستقلين لكنهما مسنجمان و هما الرجل و المرأة.
ان ميزان التفاضل في الرجال و النساء هو (السعي) من أجل تحقق (الانسانية) أي تبديل الاستعداد الي رأسمال جارٍ. و لا يوجد تفاوت بين جنسية المرأة و الرجل من وجهة نظر الوحي و الفكر الاسلامي القرآني الاّ فيما هو ضرورة النظم و النظام المنسجم للخلقة.
و بما أن السؤال ركز علي معرفة منزلة المرأة في الاسلام، فيجب ان نركز جيداً علي أصول الفكر الديني؛ يعني القرآن و السنة الأصلية للنبي و أهل البيت (ع).
أشكال و أبعاد منزلة المرأة:
يمكن دراسة منزلة و مقام المرأة في الاسلام من ثلاثة أبعاد:
الف- العنوان و الشخصية الانسانية:
۱- المرأة رمز و مظهر الظرافة و الجمال و السكن: انّ كل موجود مظهر لاسم من الأسماء الالهية، لان الخلق و هو من أو صاف الله الفعلية (و ليس من أوصاف الذات الالهية) عبارة عن: تجلي الخالق في أشكال المخلوقات المختلفة. و كما قال أمير المؤمنين علي (ع): «الحمد لله المتجلي لخلقه بخلقه». [۱] و [٢]
فمن وجهة نظر القرآن فان سر خلقة المرأة و تأسيس نواة الاسرة و رابطة الزوجية هو أمر فوق الميول الغريزية و اللذات الوقتية. ﴿وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ في‏ ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.[۳]
٢- ان جميع الامتيازات العنصرية و الجنسية باطلة و ﴿ان اكرمكم عند الله اتقاكم﴾[۴].
۳- ان دعوة جميع الانبياء (ص) و خطاب جميع الكتب السماوية هو لجنس البشر عامة و الكل ينادي بصوت واحد «فمن تبعني فانه مني» [۵] .
۴- ان مقام المرأة في الخلقة هو في المحل الذي لا توجد حدود للانتصارات و المكاسب و النجاحات. ﴿يا ايها الانسان انك كادح الي ربك كدحا فملاقيه﴾، [۶] و ﴿كل امرئ بما كسب رهين﴾[۷] ﴿و ان ليس للانسان الاّ ما سعي و ان سعيه سوف يري﴾. [۸]
۵- ان كل من كان عبداً لله فهو قريب منه سواء كان رجلاً أو امراة..
﴿وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادي عَنِّي فَإِنِّي قَريبٌ أُجيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجيبُوا لي‏ وَ لْيُؤْمِنُوا بي‏ لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾. [۹]
۶- ان للوصول إلي الحياة الطيبة الطاهرة و الهنيئة شرطين: العمل الصالح، و كون الانسان مؤمناً، سواء كان رجلا ام امراة.
﴿مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾. [۱۰]
۷- كل من يتنكر للحقائق فانه يبتلي باللعن الالهي: ﴿إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا وَ ماتُوا وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعين﴾). [۱۱]
و ما يستفاد من هذه الآيات، هو أن الطرف في خطاب الله هو الانسان، ابن آدم، فهو مرهون بعمله و إيمانه و عقيدته "و ما يزرعه يحصده" سواء كان رجلاً ام امرأة. و المرأة في منظار الوحي هي في موضع شخصية (الانسان) و ليس للجنسة تأثير في الخطوط الأصلية للتكليف و شخصية الانسان.
و نتعرض الآن الي تحليل بعد آخر من أبعاد مكانة المرأة و منزلتها في الاسلام:
ب- المرأة في معراج العرفان و سماء المعرفة:
۱- ليس الله خاصاً للرجال، و لا المعرفة جوهرة محرمة علي المرأة أو انه لا يمكن عرضها علي النساء، ان الرقي المعنوي تابع لهذا القانون:
المعرفة،‌الحب، الطاعة، القرب.
و حينئذ فلا يختلف الحال في الأشخاص و في مقدار همتهم في طلب المعرفة، و العلم و الحكمة، و المهم أن نعرف للهداية قدرها و حينئذ نكون من المشمولين للوعد الالهي في الآية «و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا»، فقد سلك الكثيرون في هذا الوادي - رجالاً و نساءً - و يذكر القرآن الكريم اسوتين حسنتين و اسوتين للأعتبار: ﴿وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ ۱٢ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لي‏ عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ نَجِّني‏ مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّني‏ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمين﴾. [۱۳]
و الاسوة الحسنة الاخري هي مريم (ع) التي ورد وصفها في الآية ۱٢ من سورة التحريم.
كما يذكر نموذجين لاناس السوء بذكره لامرأتين سيئتين هما زوج النبي نوح و النبي لوط (ع). [۱۴]
فهذه الآيات قد ذكرت هؤلاء النسوة الصالحات و الطالحات كمثال للجميع و ليس للنساء فقط .
٢- ان رأس المال المهم للسوك هو (القلب) و (الانكسار) و للنساء نصيبهن الأوفي من هذا الرأسمال.
ان طرق تكامل و تعالي الانسان مختلفة، فمنها طريق الفكر و منها طريق الذكر، و اذا لم تكن النساء افضل من الرجال في طريق الذكر و المناجاة فهن يقيناً مثل الرجال في ذلك. [۱۵]
۳- قال رسول الله (ص): «خير العلم التوحيد و خير العبادة الاستغفار». [۱۶] و من الواضح ان الوصول لهذه العلوم أيضاً لا يختلف فيه الحال بين الرجل و المرأة.
۴- اذا كنا متقين فاننا نحصل علي المعنوية، و ليست التقوي أيضاً منحصرة في جماعة خاصة: «انه من يتق و يصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين». [۱۷]
﴿وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ *فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى﴾. [۱۸]
و الخلاصة: ان وجود نماذج متعددة من النساء العارفات في كل عصر و مكان، لهو أفضل شاهد علي كون طريق السلوك و العرفان مفتوحاً أمام النساء.
ج- موقع المرأة في الاحكام و القوانين الالهية:
يبدو ان الذي سبب إيجاد السؤال و الترديد حول موقع المرأة في الاسلام هو وجود بعض الاحكام الخاصة بالنساء و التي يمكن رفع اشكالها بملاحظه عموم الاحكام و دور الجنس فيها:
ان الاحكام الاسلامية -بملاحظة الجنسية- علي انواع:
۱- الاحكام المشتركة؛ مثل الصلاة، و الصوم و الحج و... .
٢- الاحكام الخاصة بالنساء؛ مثل مسائل الحيض و النفاس و الرضاعة و... .
۳- الاحكام التي يبدو انها مفرقة؛ مثل ارث المرأة و ديتها و... .
و بشكل عام فان سبب وجود احكام خاصه و أحكام مختلفة (ظاهرها التفريق) عدة امور:
۱- إن الرجل هو المسؤول عن نفقات الاسرة، فيجب ان توضع تحت تصرفه امكانات عالية اكثر و لذا يكون حقه من الارث - في بعض الموارد طبعاً - اكثر من المرأة. [۱۹]
٢- ان ماورد في بعض الروايات من مذمة المرأة فان المذموم من المرأة هو عبادة المرأة "أي اتخاذها معبوداً" و ليس المرأة بكونها نوعاً من البشر و كمثال علي ذلك: «المرأة عقرب حلوة اللّبسة». [٢۰]
۳- و أيضاً ما ورد في بعض الاحاديث و خاصة في نهج البلاغة من مذمة المرأة، فالمقصود منها هو بعض النساء في زمن أمير المؤمنين (ع) اللائي اشتركن في حرب الجمل بقيادة عائشة، فهو خاص بذلك الزمان و المكان. [٢۱]
۴- و في الموارد التي رفعت فيها بعض الاحكام عن النساء مثل: الجهاد الابتدائي و القضاء و ... فلا يعني ذلك حرمانهن من بعض الحقوق، بل هو لطف من الله بهن لكي لا يتحملن مسؤولية ثقيلة تنافي روحهن الهادئة و اللطيفة.
يقول أمير المؤمنين (ع) : «فانّ المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة». [٢٢]
۵- ان بعض الاحكام مثل كون سن تكليفها اقل من الذكور، هو من أجل ان تدخل المرأة في دائرة التربية سابقةً الرجل فتكون ميهئة لتربية الأجيال علي مر التاريخ، خصوصاً مع كون سن زواج البنات أسبق من الاولاد.
۶- ان بعض الحدود و الممنوعات هي من أجل وضع حاجز و حريم يمنع من وقع المفاسد و المخاطر الاحتمالية - و التي مهمة جداً و يلزم الوقاية منها - فمثلاً أمرت المرأه بان تتكلم جيداً و لكن لا ترقق صوتها «فيطمع الذي في قلبه مرض». [٢۳]
۷- و كما ان النقص و الشر نسبي كذلك الترجيح و تقديم الرجل و المرأه نسبي أيضاً، و عليه، فكلما وجدنا تقييداً أو ذماً للمرأة فيجب أن نعتبره نسبيّاً، فقد أعطي الاسلام للمرأة امتيازات في موارد متعددة‌منها: ماورد عن النبي (ص) انه قال: «إِذَا كُنْتَ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فَإِنْ دَعَاكَ وَالِدُكَ فَلَا تَقْطَعْهَا وَ إِنْ دَعَتْكَ وَالِدَتُكَ فَاقْطَعْهَا». [٢۴]
و قد أمر القرآن بشكل صريح و واضح بقوله «و عاشروهن بالمعروف». [٢۵]
و للمطالعه اكثر لاحظ:
۱- نظام حقوق المرأة في السلام، للشهيد المطهري.
٢- زن در آيينه ي جمال و جلال "المرأه في مرآة الجمال و الجلال"، لجوادي الآملي.

المصادر:

[۱] نهج البلاغة،‌الخطبة ۱۰۸.
[٢] المرأة في مرآة الجمال و الجلال، عبدالله جوادي الآملي، ص ٢۱.
[۳] الروم، ٢۱.
[۴] الحجرات، ۱٢.
[۵] ابراهيم، ٢۶.
[۶] الانشقاق، ۶.
[۷] الطور، ٢۱.
[۸] النجم، ٢۹.
[۹] البقرة، ۱۸۶.
[۱۰] النحل، ۱۸۶.
[۱۱] البقرة، ۱۶۱ .
[۱٢] التي كانت ساخطة علي كفر فرعون و عمله .
[۱۳] التحريم، ۱۱.
[۱۴] التحريم، ۱۰.
[۱۵] المرأة في مرآة الجمال و الجلال، ص ۱۹۷.
[۱۶] اصول الكافي، الكليني، ج ٢، ص ۵۱۷.
[۱۷] يوسف، ۹۰.
[۱۸] النازعات، ۴۰ و ۴۱.
[۱۹] للاطلاع اكثر حول علة كون ارث او دية المرأة نصف ارث او دية الرجل، راجع المقالات التالية في نفس الموقع: موضوع: اختلاف ارث المرأة و الرجل في الفقه الاسلامي، رقم السؤال ۴۸۳ (الموقع: ۵۲۴). و موضوع" قوامية الرجل علي المرأة، رقم السؤال ۱٢۳۶؛ و موضوع تقييد المرأة، رقم السؤال ۱۵۰۹ (الموقع: ۱۶۹۶).
[٢۰] نهج البلاغة، الكلمات القصار، رقم ۶۱.
[٢۱] مثلا، نهج البلاغه، الخطبة، ۸۰، «النساء نواقص الايمان...».
[٢٢] نهج البلاغة، الكتاب ۳۱.
[٢۳] الاحزاب، ۳٢.
[٢۴] جامع احاديث الشيعة، ج ٢۱، ص ۴٢۹ - ۴٢۸؛ مستدرك، ج ۱۵ ، ص ۱۸۱.
[٢۵] النساء، ۱۹.

رابط الموضوع

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه