مجلة ريحانة الالكترونية

فضل القابلات وتضحياتهن

مرحبا بكم في مجلة ريحانة المختصة بجميع شؤون المرأة مع إقتراب اليوم العالمي للقابلات وهو يوم 5 من شهر مايو ، قررنا أن نبحث عن القابلات وفضلهن وخدماتهن في المجتمع والتضحيات اللاتي يقومن بها لخدمة المجتمع بصورة عامة وللأمهات بصورة خاصة.
القابلة
القابلة هي المرأة التي تساعد النساء الحاملات في إنجاب الأولاد. فهي كالممرضة لكنهن اختصصن بالنساء الحاملات ومساعدتهن في عملية إنجاب الأولاد. فلهن دور عظيم وذو أهمية في الشهر الأخير للحمل وفي إنجاب الأولاد. ولكن مع تطور العلوم بأجمعها خصوصا علم الطب بشكل كبير، تطور عمل القابلات أيضا بشكل كبير. فإن عمل القابلات في القرون الماضية كانت حسب المواد والإمكانات الموجودة في ذلك الزمان. فكنّ يساعدن النساء الحاملات بقليل من الأعشاب ذي الفائدة الطبية وبطشت من الماء الدافئ وأيضا كن يذهبن إلى بيوت الناس بأنفسهن حتى يحصل الولادة ويتولد الأطفال بسهولة أكثر. لكن في العصر الحاضر ومع تطور الإمكانات والآليات، تطور عمل القابلات أيضا. فهن غالبا يبقين في المستشفيات وحين تأتي النساء الحاملات إلى المستشفى لإنجاب الأطفال، تساعد القابلات في هذه العملية بشكل أصولي وبإستعانة العلوم الحديثة والإمكانات والوسائل الحديثة.
فللقابلات الدور الأساسي في إنجاب الطفل وصحة الوالدات في هذه العملية الصعبة. لكن قدر القابلات مجهول في المجتمع ولايعرف أهمية عملهن وأفعالهن في تولد الأطفال وإنجاب الأولاد. لابد أن يتم اعتبار الرعاية المتعلقة بالصحة الإنجابية وصحة الأم التي تقدمها القابلات، عنصرًا رئيسيًا ومكونًا أساسيًا في جميع النظم الصحية على الدوام، ولا سيما في أوقات الطوارئ وفي الأوضاع المتصلة بالضعف والهشاشة. فلهذا قررنا أن نكتب عنهن حتى نقدر من تضحياهن قدر الإمكان. 

القابلات في الإسلام
لم يورد روايات عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام في فضل القابلة خاصة. لكن وردت روايات عامة في فضل الممرضات ومساعدة المريض. وهذه الروايات تنطبق على القابلات أيضا. لأن القابلات من أهم الممرضات ومساعدة النساء الحاملات في وضع الحمل وإنجاب الطفل وتشهيل هذه العملية الصعبة عليهن، من أهم الأمور والمهام في مجال التمريض. فلهذا نقول إن الإسلام بشكل عامّ أعطى أهمية كبيرة للقابلات وفضلهن على غيرهن لهذا العمل الصعب. فقد ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم (مَن قامَ عَلى مَريضٍ يَوماً ولَيلَةً، بَعَثَهُ اللّه‏ تَعالى مَعَ إبراهيمَ الخَليلِ عليه‏السلام، فَجازَ عَلَى الصِّراطِ كَالبَرقِ اللاّمِعِ. 1) والقابلات أيضا من هذا القبيل. فإنهن يبقين مع النساء الحوامل ويساعدنهن من حيث الجسم والروح. خصوصا في بعض المناطق المحرومة من الإمكانيات الحديثة حتى تضطر القابلة أن تذهب بنفسها إلى مناطق عديدة وتعبر المناطق التي تصعبر العبور منها حتى تصل إلى المرأة الحاملة وتساعدها ي بيتها أو مكان آخر غير المستشفى على وضع الحمل وإنجاب الطفل. وعلى ضوء هذا الأمر أيضا يمكننا أن نطبق القابلات على رواية أخرى للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال (مَنْ سَعيٰ لِمَرِيضٍ فِي حَاجَةٍ ـ قَضَاهَا أوْ لَمْ يقْضِهَاـ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيوْمٍ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصارِ: بِأَبي أنتَ واُمّي يا رَسولَ اللّه‏ ، فَإِن كانَ المَريضُ مِن أهلِ بَيتِهِ، أوَ لَيسَ ذلِكَ أعظَمَ أجراً إذا سَعى في حاجَةِ أهلِ بَيتِهِ؟ قالَ: نَعَم. 2.)
فإن الكثير من القابلات بل جميعهن يسعين في حاجة الحاملات. والنساء الحوامل حين يأتي أوان وضع الحمل، يشعرن بألم شديد وتقلصات كثيرة. فحالتهن تشبه حالة المريض، إن لم نقل إنهن في الحقيقة في حالة مرض خاص بسبب الحمل). فعلى هذا يمكننا أن نقول إن من أهم مصاديق هذه الرواية الشريفة، هي القابلات التي تساعدن النساء الحاملات ويسعين في قضاء حوائج النساء الحاملات. وأيضا ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حول قضاء حاجة المريض (مَن أطعَمَ مَريضا شَهوَتَهُ أَطعَمَهُ اللّه من ثِمارِ الجَنَّةِ. 3.)
والمراد من إطعام الشهوة، أن يطعمه ما يشتهيه ويطلبه. وهذا العمل أيضا من الأفعال التي تعمله القابلات في قبال النساء الحاملات. فإن أردن شيئا واشتهين طعاما، فالقابلات هن أولى بأن يطعمن النساء الحاملات. فعلى هذا، أن فضل القابلات كبير والمثوبة التي يحصلن عليها من قبل الله تبارك وتعالى على هذا العمل، مثوبة عظيمة وذلك لأهمية عملهن وكثرة تضحياتهن في مجال إنجاب الأطفال وصحة الأمهات وتسهيل الأمر عليهن. ففي قبال هذه الأفعال، يجزن على الصراط كالبرق اللامع ويخرجن بلا أي ذنب كيوم ولدن من أمهاتهن ويطعمهن الله تبارك وتعالى من ثمار الجنة. وأيضا يوجد رواية أخرى حول أهمية عمل الممرضات بشكل عام وتنطبق على عمل الممرضات أيضا وهو رواية مرازم بن حكيم. يقول مرازم بن حكيم (زامَلتُ مُحَمَّدَ بنَ مُصادِفٍ، فَلَمّا دَخَلنَا المَدينَةَ اعتَلَلتُ، فَكانَ يَمضي إلَى المَسجِدِ ويَدَعُني وَحدي، فَشَكَوتُ ذلِكَ إلى مُصادِفٍ، فَأَخبَرَ بِهِ أباعَبدِاللّه ِ عليه السّلام فَأَرسَلَ إلَيهِ: قُعودُكَ عِندَهُ أفضَلُ مِن صَلاتِكَ فِي المَسجِدِ. 4) فهذه الرواية وإن كانت مختصة بصديق مرض صديقه لكن قول الإمام الصادق عليه السلام عام يشمل جميع الأشخاص. فقعود الممرضات عامة والقابلات خاصة عند المريض والنساء الحاملات، أفضل من الصلاة في المسجد. وهذا يدل بشكل صريح على أهمية عمل القابلات وتوجه الإسلام إلى أهمية هذا العمل وإلى القابلات بأنفسهن. 
تأثير القابلات في الطفل
القابلة تولد الطفل وتساعد الأم على إنجاب الطفل. فلها دور أساسي في بداية حياة الطفل. ومن الأمور الغيبية التي ثبتت في الدراسات الحديثة، هو تأثير العائلة والبيئة التي تحيط بالطفل في تربية الطفل بشكل صحيح. فكما حسن الأبوين وإيمانهما يأثر في حسن الطفل وإيمانه حتى في زمن الحمل، فكذك إيمان القابلة بالله وبالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومون عليهم السلام وعملها الجيد وترك المحرمات من قبل القابلة، تأثر في تربية الطفل وإيمانه وحسن عاقبته. خصوصا في الأزمنة السابقة. لأن في الأزمنة السابقة، كانت القابلة تأذن و تقرء الإقامة في أذني الطفل بنفسها بعد الولادة. فإذا كانت القابلة حسن الإيمان والعمل، فهذا يأثر بشكل إيجابي على الطفل. لكن إذا كنت القابلة لاتعتقد قلبا بالله تبارك وتعالى أو بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أو بإمامة أحد من الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فهذا يأثر بشكل سلبي على الطفل ويصعب تربية هذا الطفل. فعلى الأبوين التوجه والتدقيق في هذا الأمر حتى يحسن عاقبة الأولاد ويكونو من الباقيات الصالحات للأبوين. 
وأيضا يوجد في الروايات، منع عن التزويج مع القابلة. والعلماء وإن حملوا هذه الروايات على الكراهة، إلأا أنهم قالوا في علة هذه الروايات وعلة هذا الحكم أن القابلة تكون بمثابة الأم للطفل. فكما يحرم التزويج والنكاح مع الأم، كذلك يكره النكاح والتزويج مع القابلة. ففي رواية (عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا يتزوج المرأة التي قبلته ولا ابنتها. 5) فهذه الرواية وأمثالها تدلّ على أهمية القابلة وتأثيرها في حياة الطفل.
هذه كانت جملة من فضائل القابلات وتضحياتهن في المجتمع وفي قبال النساء الحاملات. أرجوا أنكم قد استفدتم منها.
 

1) بحار الأنوار / الشيخ المجلسي / المجلّد : 78 / الصفحة : 225 / الناشر : دار الفكر ـ بيروت / الطبعة : 2.
2) من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق / المجلّد : 4 / الصفحة : 16 / الناشر : دار التراث العربي ـ بيروت / الطبعة : 3.
3) مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل  / الحاج ميرزا حسين النوري / المجلّد : 2 / الصفحة : 93 / الناشر : دار الفكر ـ بيروت / الطبعة : 1.
4) الكافي / الشيخ محمد بن يعقوب الكليني / المجلّد : 4 / الصفحة : 545 / الناشر : مؤسسة آل البيت لإحياء التراث - قم / الطبعة : 1.
5) وسائل الشيعة / الشيخ حر العاملي / المجلّد : 20 / الصفحة : 502 / الناشر : مؤسسة آل البيت لإحياء التراث - قم / الطبعة : 1.
 

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه