مجلة ريحانة الالكترونية

المرأة والعمل ضمن حدود الله تعالى

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ

اصْطَفَى.
بالإضافة إلى أعمال المرأة الخاصة من كونها زوجة وأُمّ ومربيّة وحاضنة ، لها أن تقوم بالأعمال العامة إذا سنحت لها المكنة ، فلا يوجد ردع عن مزاولة الأعمال خارج البيت في عفّة وطهارة منها ، فبالإضافة إلى الخطابات العامة الحاثّة على العمل الشاملة للذكر والاُنثى ، هناك إشارات قرآنية تدلّ على أنّ المرأة بالخصوص لها الحقّ في مزاولة الأعمال خارج نطاق البيت ، فتشارك في الحياة الاجتماعية كالرجل ، ولكن بشرط العفّة وعدم الانزلاق في ما لا يرضى الله نتيجة أعمالها الاجتماعية .
عمل المرأة إذا جاء ضمن حدود الله في الزيّ والعفّة والعلاقات الزوجية :
الإسلام أقرّ عمل المرأة المهني كالرجل ، فهي يجوز لها أن تستثمر طاقتها ووقتها لإغناء المجتمع بالعمل المنتج ، كالتعليم والتمريض والطبّ والجراحة ، وأعمال الخير والتوعية الاجتماعية ، وغيرها . بل هناك واجبات عامة(1) على الأُمّة والمجتمع ، وهي ما تسمّى بالواجبات الكفائية على الأفراد ، إلاّ أنّها واجبات عينية على الأُمّة ، حيث يكون المخاطب بها المجموع ، فتكون المرأة مشمولة بالعمل لهذه الأعمال الواجبة ، وهذا يقتضي أن يعدّ المجتمع (نساءً ورجالاً) للقيام بأعباء الواجبات العامّة من تعليم عليها وإعداد لها مع الستر والعفّة للنساء ، والدليل على ذلك:
1 ـ قوله تعالى : {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ}(2) ، فدلّت على جواز اكتسابها بالعمل .
2 ـ عموم وإطلاق الأدلّة الأوليّة على إباحة العمل المهني والاجتماعي للإنسان لكسب المال حيث قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الاَْرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(3) والمشي في مناكب الأرض يراد منه العمل واستخراج الثروة وابتغاء الرزق ، وهذا يشمل كلّ عمل لم يرد فيه تحريم من الشريعة .
وقال تعالى : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الاَْرْضِ}(4) .
وقال تعالى : {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}(5) .
وقال تعالى : {اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُم مَا فِي السَّماوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لاَيَات لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ}(6) .
فالخطاب في الآيات المتقدّمة لكلّ البشر ، فيشمل النساء والرجال معاً ، ومعنى تسخير الأرض أو السماء هو جعلها في متناول الإنسان لأجل العمل واستخراج الثروة منها .
3 ـ الآيات القرآنية الدالّة على جواز أخذ الاُجرة على عملية الإرضاع ، قال تعالى : {وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ}(7) .
وقال تعالى : {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوف وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}(8) .
وهاتان الآيتان صريحتان على أنّ الأب له الحقّ في استئجار امرأة لترضع له ابنه ، فيدلّ بالضرورة على جواز إيجار المرأة نفسها لهذا العمل .
4 ـ هناك روايات كثيرة تدلّ على جواز كسب المرأة ، منها الرواية الصحيحة عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : "دخلت ماشطة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها: هل تركت عملك أو أقمت عليه؟ فقالت: يا رسول الله أنا أعمله إلاّ أن تنهاني عنه فانتهي عنه . فقال: افعلي ، فإذا مشّطت فلا تجلي الوجه بالخرق فإنّه يذهب بماء الوجه ولا تصلي الشعر بالشعر"(9) .
فهي تدلّ على جواز كسب المرأة في عملية تجميل النساء ، ولكن بما أنّه لا خصوصيّة لهذه المهنة ، فنستفيد جواز عمل النساء في كلّ مهنة لم تكن محرّمة .
ومنها حسنة الحسين بن يزيد الهاشمي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : "جاءت زينب العطّارة (الحولاء) إلى نساء النبي (صلى الله عليه وآله) (وبناته فكانت تبيع منهن العطر) فجاء النبي (صلى الله عليه وآله) فإذا هي عندهن ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) إذا أتيتنا طابت بيوتنا . فقالت: بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فإذا بعتِ فأحسني ولا تغشي (ولا تغبني) فإنّه أتقى لله وأبقى للمال"(10) .
فهذه كانت تدخل البيوت للبيع وتختلط بالرجال والنساء ، وقد أقرّها النبي (صلى الله عليه وآله)على عملها (11) .

____________
1- كحفظ النظام ، والدفاع عن الدين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأمثال ذلك .
2- النساء : 32 .
3- الملك : 15 .
4- الحج : 65 .
5- لقمان : 20 .
6- الجاثية : 12 ـ 13 .
7- البقرة : 233 .
8- الطلاق : 6 .
9- وسائل الشيعة 12 : باب 19 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 2 .
10- وسائل الشيعة 12 : باب 4 من أبواب آداب التجارة ، الحديث 1 .
11- أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي (لـ حسن الجواهري)ص55-59

رابط الموضوع

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه