مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية

ثالثا : الأمثال :

استخدم القرآن الكريم ضرب الأمثال كوسيلة من وسائل الدعوة إلى الهداية وإلى الاستقامة ، والحث على الالتزام بأوامر اللّه ونواهيه ، قال تعالى : « ... وَيَضربُ اللّه الأمثالَ لِلنّاسِ لَعلّهُم يَتَذكَّرُونَ

»

فقد مثَّل القرآن الكريم الذين اتخذوا من دون اللّه أولياء في عقيدتهم ومنهجهم في الحياة « كَمَثَلِ العَنكبُوتِ اتَّخذَت بَيتا وإنَّ أوهَنَ البُيُوتِ لَبَيتُ العَنكَبُوتِ لَو كَانُوا يَعلَمُونَ »

وضرب اللّه تعالى مثلاً للموحدين للّه تعالى ولغير الموحدين التائهين في التوجيهات المتناقضة « ضَرَبَ اللّه مَثلاً رَّجُلاً فيهِ شُركاءُ مُتَشاكِسُون وَرَجُلاً سَلَما لِرجُلٍ هَل يَستَويانِ مَثَلاً الحَمدُ للّه بَل أكثرُهُم لا يَعلمُونَ »

وضرب اللّه مثلاً في عبد أتاه اللّه الآيات فانسلخ منها واستسلم للشيطان : « وَلَو شِئنَا لَرَفعنَاهُ بِهَا وَلَكنَّهُ أخلَدَ إلى الأرضِ واتَّبعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلبِ إن تَحمِل عَليهِ يَلهَث أو تَترُكَهُ يَلهَث ذَلكَ مَثلُ القَومِ الَّذينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ... »

ومثَّل القرآن الكريم العلماء الذين لم يجسّدوا علومهم في سلوكهم العملي بالحمار يحمل اسفارا : « مَثَلُ الَّذينَ حُمّلوا التَوراةَ ثُم لَم يَحمِلُوها كَمَثلِ الحِمَارِ يَحمِلُ أسفارا ... »

والقرآن الكريم مليء بالأمثال ، وكذا السيرة النبوية وسيرة أهل البيت عليهم‌السلام.

وضرب الأمثال يقرّب المعنى إلى الاذهان ويجعله متفاعلاً في الضمير والوجدان البشري ، وهو سهل الحفظ والنقل ، وله تأثير محسوس على جميع مقومات الشخصية ، لذا استخدم كوسيلة من وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

رابعا : العبرة والموعظة :

المنهج الإسلامي يتّخذ من العبرة والموعظة مادة تنبيه وتوجيه وتنوير للعقل والقلب ، تُستلخص منها المفاهيم والقيم الكامنة وراء المواقف والحوادث التاريخية المتسلسلة ، فهو يستحضرها ليعمّقها في أغوار النفس الانسانية.

وبالعبرة والموعظة يعي الإنسان مداولة الأيام ، وتعاقب الشدة والرخاء ، وأسباب التقدم والتأخر للمجتمعات والحضارات وهي تربية للنفوس واعداد لها لشق طريقها متوجهة إلى اللّه تعالى.

وبالعبرة والموعظة يرتدع الإنسان عن الانحراف والرذيلة وانتهاك المقدسات ، وينطلق لاصلاح نفسه ومجتمعه ، حينما يرى مسيرة الاُمم السابقة ، فقد أغرق اللّه تعالى قوم نوح ونجّى المؤمنين ، وعذّب قوم لوط وأهلكهم ، وأهلك ملوكا واستخلف آخرين.

ومن مظاهر الموعظة التذكير بالموت والهلاك ، والتذكير بما يصيب الاُمم المتمردة على المنهج الالهي من قلق واضطراب عقلي ونفسي ومن نقص في الثمرات والانفس.

والقرآن الكريم والسُنّة النبوية وامتدادها في أهل البيت عليهم‌السلام مليئة بالعبر والمواعظ ، وقد ورد في نهج البلاغة كثير منها فكان عليه‌السلام يدعو للاعتبار بالانبياء والصالحين ، وبالاقوام السالفة ، ويحذّر المسلمين مما أصاب الاقوام المتمردة على طول التاريخ.

خامسا : التمثيل العملي :

التمثيل العملي يوصل المفاهيم والافكار إلى العقول أو يقرّبها إليها ، ويوصل القيم كذلك ، والناس يتفاعلون مع المظاهر الحسيّة أكثر من المفاهيم النظرية ، اضافة إلى ذلك فان التمثيل العملي يستشري في المجتمع أكثر فأكثر عن طريق الانتقال من لسان إلى لسان ، ومن محفل لآخر.

ومن الأمثلة على ذلك قصة إبراهيم عليه‌السلام مع قومه ، فحينما كسَّر الاصنام وضع المعول في رقبة صنم كبير ، فلما جاء المشركون واجتمع الناس معهم : « قَالُوا أأنتَ فَعلتَ هَذا بآلِهَتِنا يَا إبراهيمُ * قَالَ بَل فَعلَهُ كَبِيرُهُم هَذا فاسألُوهُم إن كانُوا يَنطِقُونَ * فَرَجَعُوا إلى أنفُسِهِم فَقَالوا إنّكُم أنتُمُ الظَّالِمُونَ »

وبهذه العملية استطاع إبراهيم عليه‌السلام ان يشككهم في معتقداتهم ، حينما أيقنوا أنّ الأصنام لا تنطق ولا تضرّ ولا تنفع.

وعن الامام الصادق عليه‌السلام قال : « إنّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل بأرض قرعاء ، فقال لأصحابه : ائتوا بحطب ، فقالوا : يا رسول اللّه نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب ، قال : فليأت كل إنسان بما قدر عليه ، فجاؤوا به حتى رموا بين يديه ، بعضه على بعض ، فقال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هكذا تجتمع الذنوب ، ثم قال : إيّاكم والمحقّرات من الذنوب ، فإنّ لكلِّ شيء طالبا ، ألا وإنّ طالبها يكتب ما قدّموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين »
وقد يدخل الفن والتمثيل المسرحي والسينمائي في هذه الوسيلة ، لذا نجد ان أعداء الإسلام استخدموها للتشكيك في العقيدة الإسلامية واشاعة الفساد الاخلاقي في مجتمعاتنا.