مجلة ريحانة الالكترونية

ممارسة المندوبات

وتأتي في المرحلة التالية بعد أداء الواجبات ، فتساهم في رفع إيمان الزوجين

إلى آفاق عالية ، وتحيط حياتهما الزوجية بهالة من الروحانية ، وقبل كل ذلك تقربهما إلى الله زلفى ، قال الإمام الكاظم عليه السلام : « صلاة النَّوافل قُربان إلى الله لكلِّ مؤمن » (1).
ويأتي ذكر الله تعالى في طليعة المندوبات ، إذ يعمل على زرع الطمأنينة في القلوب ، وقشع غيوم المخاوف التي تزخر بها الحياة ، قال تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ ألأ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (2).
ثم إنَّ ذكر الله لا تقتصر آثاره النافعة على الناحية الروحية ، بل يشتمل الجوانب السلوكية أيضاً ، فلا شكّ أنّها تنعكس على العائلة ، وتحقق الحياة الطيبة والسعيدة لأفرادها ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « من عمّر قلبه بدوام الذكر حسنت أفعاله في السر والجهر » (3) ، وقال أيضاً : « اذكروا الله ذكراً خالصاً ، تحيوا به أفضل الحياة ، وتسلكوا به طرق النجاة » (4).
وما يعزز ذلك نجد أن بيوت الأنبياء وأهل البيت عليهم السلام خاصة تخيم عليها السعادة والسكينة والاحترام المتبادل ، وذلك نتيجة لمواظبتهم على الطاعات وكثرة ذكرهم لله سبحانه.
ذكر صاحب مجمع البيان في معرض تفسيره لقوله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ) (5). ( أنّه سُئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قرأ الآية ، أيّ بيوتٍ هذه؟ فقال : « هي بيوت الأنبياء » فقام أبوبكر فقال : يا رسول الله ، هذا البيت منها؟ يعني بيت علي وفاطمة عليهما السلام ، قال « نعم ، من أفضلها ». ويعضد هذا القول قوله تعالى : ( إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (6) وقوله : ( رَحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ عَليكُم أهلَ البيتِ ) ) (7).
من جهة ثانية نجد أن البيوت التي تبتعد عن جادّة الإيمان وطاعة الله تعالى وتُعرض عن ذكره ، تكون عرضة للمشاكل والمشاجرات بين الزوجين ، وينفرط فيما بينها عقد المحبة والاُلفة ، كما أخبر تعالى : ( ومَن أعرضَ عن ذِكري فإنَّ لهُ معيشَةً ضنكاً .. ) (8).
وينبغي الاشارة هنا إلى أن صلاة اللّيل هي من المندوبات التي تساهم في رفع المؤشر الروحي للزوجين ، وتدخلهما في عداد الذاكرين ؛ لذلك قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : « من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصلّيا ركعتين جميعاً ، كُتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات » (9).
أضف إلى ذلك أن الصوم المندوب يُطهر القلب والصدر من الوساوس والشكوك والنوايا السيئة التي قد تعكّر صفو الحياة الزوجية ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « .. صوم ثلاثة أيام من كلِّ شهر ، أربعاء بين خميسين وصوم شعبان ، يذهب بوساوس الصدر وبلابل القلب » (10).
_________________
1) تحف العقول : 403.
2) سورة الرعد : 13 / 28.
3) غرر الحكم ح 8872.
4) تحف العقول : 20 حكم ومواعظ أمير المؤمنين عليه السلام.
5) سورة النور : 24 / 36.
6) سورة الأحزاب : 33 / 33.
7) مجمع البيان / الطبرسي 5 : 50 ـ 51 / 19 منشورات مكتبة الحياة ـ بيروت.
8) سورة طه : 20 / 124.
9) سنن أبي داود 2 : 70 / 1451 باب الحث على صلاة الليل.
10) الخصال ، للصدوق 2 : 612 / 400 منشورات جماعة المدرسين ـ قم طبع 1403 هـ.

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه