مجلة ريحانة الالكترونية

مرقد كريمة أهل البيت عليهم السلام

أتى جمع من الشيعة إلى المدينة المنورة؛ لكي يعرضوا بعض أسئلتهم الدينية على الإمام الكاظم عليه السلام، ويأخذوا العلم من معدنه، ولكن كان الإمام الكاظم وكذلك الإمام الرضا عليهما السلام مسافرين،

ولم يكونا حاضرين في المدينة. فاغتم الجمع؛ لأنهم لم يجدوا حجة الله ومن يقدر على جواب مسائلهم، فعزموا على الرجوع إلى بلدهم. وعندما رأت السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها حزن هؤلاء النفر أخذت منهم أسئلتهم التي كانت مكتوبة، وأجابت عليها، وعند ذلك تحوّل حزن الجماعة إلى فرح شديد، ورجعوا إلى ديارهم مفلحين، ولكنهم في الطريق وفي خارج المدينة التقوا بالإمام الكاظم عليه السلام، وحدثوه بما جرى عليهم. وبعد ما رأى الإمام جواب ابنته على تلك المسائل أثنى على بنته بعبارة مختصرة قائلاً: «فداها أبوها». (1)

وقال الإمام الصادق عليه السلام قبل أن تولد السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام: «ألا إن للجنة ثمانية أبواب ثلاثة منها إلى قم. تقبض فيها امرأة هي من ولدي اسمها فاطمة بنت موسى، وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنة بأجمعهم». (2)

واليوم مزار السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها هو القلب النابض لمدينة قم المقدسة، ومهوى الأفئدة، حيث يقصدها الموالون في كل يوم من قبل طلوع الفجر وإلى ما بعد منتصف الليل في حركة دائبة مستمرة، والناس يغدون، ويروحون بين متعبّد، وزائر، ومصلٍّ، وقارئ للقرآن، وطالب علم. ولقد شُيّدت بجوار مرقدها الحوزات العلمية.

ويضمّ الحرم عدداً كبيراً من قبور العلماء والأولياء والصّالحين، كما دفن في داخل الحرم عدد من العلويات وغيرهن، وكانت قبورهنّ متميزة تحت قبّتين، وأمّا اليوم فيضمهنّ ضريح واحد تحت قبّة واحدة، ولا يتميز من تلك القبور إلاّ مرقد السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها، وقد وضع عليه صندوق خشبي.

وبعد دفن كريمة أهل البيت سلام الله عليها بنى موسى بن الخزرج مظلّة ـ سقيفة ـ من القصب فوق القبر، ثم بنت زينب بنت الإمام الجواد عليه السلام قبّة من الآجر فوق القبر، وتطور بناء الحرم على مدى العصور، حتى أصبحت القبة تتلألأ وسط حرمها، وذلك بفضل جهود المؤمنين والمُحبّين للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام كل ذلك في إتباعهم للقرآن الكريم حيث قال: ﴿ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾. (3)

 وقد مرّ مرقد السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها في عمارته بمراحل عديدة حتى بلغ ما هو عليه اليوم من العظمة.

واليوم له قبة مطلية بالذهب تضاهي السماء، ويوجد صحن كبير في وسطه حوض ماء، وهو يعرف اليوم باسم الإمام الرضا عليه السلام.

وبجواره صحن الإمام الرضا (ع) صحن آخر، وفيه أيوان من ذهب يعرف باسم صحن الإمام الهادي عليه السلام.

وبجواره صحن الإمام الهادي (ع) صحن واسع كبير باسم صحن مسجد الأعظم حيث بناه المرجع الديني الراحل السيد البروجردي رحمه الله، وأيضاً هناك صحن كبير باسم مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف يضم عدد غفير من المؤمنين.

وروي عن الإمام الجواد عليه السلام أنّه قال: «من زار قبر عمتي بقم عارفا بحقها فله الجنة». (4)

ــــ

1ـ كريمة أهل البيت: ص 63 و64 نقلاً عن كشف اللئالي.

2ـ مستدرك سفينة البحار: ج 8، ص 596.

3ـ سورة الشورى: الآية 23.

4ـ كامل الزيارات: ص 536، ح 827؛ بحار الأنوار: ج 102، ص 266.

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه