مجلة ريحانة الالكترونية

لا تعصي له أمراً

عن أمير المؤمنين عليه ‌السلام قال: «خلا رسول الله صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله بابنته في صبيحة اليوم الرابع، وقال لها: كيف أنت يا بنية، وكيف رأيت زوجك؟ فقالت له: يا أبه، خير زوج، إلّا أنه دخل عليَّ نساء من قريش، وقلن لي: زوّجك رسول الله من فقير لا مال له،

فقال لها صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌: يا بنية، ما ألوتك نصحاً أن زوجتك أقدمهم سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً. يا بنية، إنّ الله عزَّ وجلَّ اطلع إلىٰ الأرض إطلاعة، فاختار منها رجلين، فجعل أحدهما أباك والآخر بعلك. يا بنية، نعم الزوج زوجك لا تعصي له أمراً. ثم صاح بي رسول الله صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌: يا علي، فقلت: لبيك يا رسول الله. فقال: ادخل بيتك، والطف بزوجتك، وارفق بها؛ فإن فاطمة بضعة مني، يؤلمني ما يؤلمها، ويسرني ما يسرها، استودعكما الله، واستخلفه عليكما».(1)

نعم، هذا هو البيت العلوي والفاطمي الذي جعله الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله قدوة لجميع المسلمين، وعليهم أن يجعلوه نصب أعينهم إذا أرادوا سعادة الدنيا والآخرة.

أول درس نستلهمه من هذه الرواية المباركة أن الوالد يجب عليه أن يراقب أولاده بطريقة غير مباشرة، وأن يعلّمهم، ويوجههم إلى تحسين العلاقة الزوجية؛ لكي يصفوا عيشهم، ويطيب خاطرهم.

نعم، إنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله يرسم للأباء منهجا صحيحا وواضحا؛ ليعرف الأب كيف حال ابنته في بيت زوجها، عليه أن يسألها بمفردها، ويقدّم لها النصائح النافعة؛ ليشد قلب بنته بزوجها، عند ما ذكرن نساء قريش فقر الإمام علي عليه السلام للسيدة فاطمة زهراء عليها السلام بدأ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله يعدد فضائل الامام علي عليه السلام وأنه أفضل الخلق من بعده، ومن ثم يوجهها، ويتحفها بالمواعظ (وهي عليها السلام غنية عن النصائح والمواعظ، ولكن هذه تعاليم نبوية لجميع النساء) أن لا تعصي له أمراً، وفعلت الصديقة الطاهرة عليها السلام هذا الأمر، وجعلته الدستور الأول في دوام البيت الزوجي كما أشار إلى ذلك الامام علي عليه السلام بنفسه: «والله، ما أغضبتها ولا أكرهتها علىٰ أمرٍ حتىٰ قبضها الله عزَّ وجلَّ، ولا أغضبتني، ولا عصيت لي أمراً، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان ».(2)

نجد هذا الاحترام والتقدير من الطرفين من الزوج والزوجة، فالزوج على عاتقه أمور يجب عليه أن يلتزم بها وكذلك الزوجة، فنرى أن الإسلام رسم لنا  منهجا قويما ونمطا لحياتنا في الدنيا وهو أفضل أنموذج للوصول إلى السعادة في الدارين، وطبّق هذا النهج في بيت الإمام علي عليه السلام وفاطمة الزهراء عيلها السلام، لتقتدي الأمة الإسلامية بهما في السلوك والأخلاق الفاضلة.

 

ـــــ

1ـ كشف الغمة: ٣٦٣.

2ـ بحار الأنوار ٤٣: ١٣٤.

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه