معنى التربية:
هي فلسفة كاملة تسهم في بنائها، وتحقيقها، وتجسيدها، وتحويلها إلى واقع عملي متحرك، كل المواد الدراسية، والمعارف، والممارسات، التي تبدأ مع الفرد ابتداءً من طفولته التي تُغرس فيها بذور مستقبل حياته السلوكية، مروراً بكل موارده الثقافية والعلمية والتدريبية، وانتهاءً بمجموعة الخبرات والمسالك المتراكمة، التي يتحصل عليها في شيخوخته، وينقلها إلى الأجيال المتداخلة من بعده.
فالعملية التربوية عملية مركبة، تتداخل فيها الكثير من العلوم التي لابد من تحصيلها، لأنها تشكل أبجديات الفقه التربوي، إلى جانب القدرة على حسن التعامل مع هذه العلوم وتوظيفها بالشكل والقدرة المناسبين. هي فلسفة كاملة تسهم في بنائها، وتحقيقها، وتجسيدها، وتحويلها إلى واقع عملي متحرك، كل المواد الدراسية، والمعارف، والممارسات، التي تبدأ مع الفرد ابتداءً من طفولته التي تُغرس فيها بذور مستقبل حياته السلوكية، مروراً بكل موارده الثقافية والعلمية والتدريبية، وانتهاءً بمجموعة الخبرات والمسالك المتراكمة، التي يتحصل عليها في شيخوخته، وينقلها إلى الأجيال المتداخلة من بعده.
إذ لا يمكن أن نتصور إنساناً يتكلم في التربية الإسلامية ـ مثلاً ـ دون أن يتحصل على قدرٍ كافٍ من علوم الدين، والسيرة، والتاريخ الإسلامي؛ لأن التربية في حقيقة الأمر تزاوج بين مجموعة من التخصصات يحدث الإنتاج التربوي، وما لم تتوافر هذه العناصر، فسوف لا يتم الإنتاج التربوي.
التربية أداة الاستعمار:
من الطريف أن الذين يقومون بمهمة النقد والتحليل للآثار المترتبة على استيراد الأهداف المذكورة هم من خارج الأقطار العربية والإسلامية، ومن خارج العالم الثالث كله، بل هم من المختصين التربويين في أوربا وأمريكا. ومثال ذلك البحث المدهش الذي قام به ـ مارتن كارنوي ـ عام 1974 بعنوان: ((التربية كأداة للاستعمار الثقافي)).
يذكر كارني في كتابه إنه منذ عام 1949 تحدد دور المدارس في الأقطار التي تحررت من الاستعمار العسكري كأدوات لتحديد الأدوار الاجتماعية لأبناء هذه الأقطار. فمع أن التعليم انتشر على أثر الاستقلال من السيطرة الاستعمارية إلا أنه سار على نفس النمط السابق، وصارت أهدافه تركز على إنجاد متعلمين ذوي مهارات عالية لخدمة مصالح الأقطار الصناعية المتقدمة من خلال التأكيد على التدريب العلمي والمهني في العلوم الاجتماعية وإدارة الأعمال وبناء نظم التعليم ليخدم ذلك كله أهداف الشركات الدولية في الأقطار المتقدمة التي أرادت الأقطار النامية أسواقاً لمصنوعاتها ومصدراً للمواد الخام اللازمة لهذه الصناعات.
ويضيف ـ كارني ـ إن الجهود التي بذلت لتطوير التعليم في أقطار العالم الثالث لم تمنح هذه الأقطار القدرة على التحول إلى الطور الصناعي والرأسمالي وإنما أفرزت نتائج وثمرات أهمها:
1ـ انتشار البطالة بين الخرجين بما فيهم خريجي الجامعات.
2ـ أصبح المحور الأساسي للحياة الاجتماعية في الأقطار النامية هو الاغتراب الثقافي. ويتمثل في استعارة هذه الأقطار للقيم وأنماط الحياة السائدة في الدول الصناعية المتقدمة بدل تطوير القيم المحلية.
3ـ ازدواج شخصية الفرد الذي يذهب للدراسة في الأكاديميات الأوربية والأمريكية.
4ـ تشويه شخصية الشعوب في الأقطار النامية وإبقاؤها ضحية الاغتراب الثقافي والتمزق الاجتماعي وإشاعة قيم المستعمرين ولغاتهم على حساب القيم المحلية واللغة المحلية.
5ـ أفرزت نظم التعليم التي تأثرت بالدول الاستعمارية نخبة حاكمة تقوم بدور الوكلاء والوسطاء بين هذه الدول وبين الشعوب المحكومة من قبل هذه النخبة وتسهل التعامل بين الطرفين، وتبقى شعوبها في حالة اعتماد مستمر من الناحية الاقتصادية والثقافية على الدول المذكورة.
والواقع أنه لا يجوز التسليم بتقريرات أمثال ـ مارتن كارنوي ـ هذه حول ـ التربية والاستعمار الثقافي ـ على علاتها بحيث يفهم منها وجوب الانغلاق التربوي والثقافي. وإنما يجب تناولها بوعي وعلى أساس اعتبارها إحدى المعلومات المساعدة على كيفية التفاعل الثقافي مع الآخرين. إن شهود التيارات الثقافية من خلال الإطلاع على ثقافات العالم ودراسة اللغات الأجنبية هو أمر لا بد منه للمشاركة في الحضارة العالمية وحمل الرسالة ومقتضيات التنمية والتقدم.
ومن خلال ما سبق يتبين أن تخلف المفاهيم التربوية في المعاهد والمؤسسات الإسلامية وغياب مفاهيم الأهداف والمناهج وغيرها من تنظيماتها وأنشطتها، هما المسئولان عن استمرار الازدواجية في نظم التربية القائمة وعن استمرار النتائج السلبية التي تحدث عنها ـ مارتن كارنوي ـ فيما سبق.