مجلة ريحانة الالكترونية

زوجة العباس بن علي عليهما السلام ونسله الطاهر

ولد العباس بن علي عليهما السلام في الرابع من شعبان سنة 26 للهجرة في المدينة المنورة، فعاش في كنف أبيه أمير المؤمنين عليه السلام وأخويه الحسن والحسين عليهما السلام ينهل من نمير علمهم، ويرتوي من زلال رافدهم، ولم تكن كُلِّ البصائر في أبي الفضل عليه السلام اكتسابية، بل كان مجتبلاً من طينة القداسة التي مزيجها النور الإلهي، حتّى تكوّنت في صُلب من هو مثال الحقّ، ذلك الذي لو كشف عنه الغطاء ما ازداد يقيناً، فلم يصل أبو الفضل عليه السلام إلى عالم الوجود إلاّ وهو معدن الذكاء والفطنة، وأُذن واعية للمعارف الإلهية، ومادة قابلة لصور الفضائل كُلّها، فاحتضنه حجر العلم والعمل، حجر اليقين والإيمان.

وبعد ذلك، فما أوشك أن يكون علمه وجدانياً، وإن برع في البرهنة وتنسيق القياس، ومن هنا جاء المأثور عن المعصومين عليهم السلام: (إنّ العبّاس بن علي زُقَّ العِلمُ زقاً).(1)

وقد تابع إمامه في كُلّ أطواره حتّى في ولادته الشريفة، فكان مولد الإمام الحسين عليه السلام في ثالث شعبان، ومولد أبي الفضل العبّاس عليه السلام في الرابع منه سنة ستٍّ وعشرين من الهجرة.

ذكرَتْ العديدُ من الروايات بأنّ العباس عليه السلام تزوّج من امرأةٍ واحدةٍ فقط هي (لبابة بنت عبيدالله بن عباس)،(2) حيثُ كانت من سيدات عصرها وأفضلهنّ نسباً وطهارةً وعفّة، فهي تنتمي إلى البيت الهاشمي خيرة الله من العرب، والذي شرّفه الله بأن اختار منه خاتم أنبيائه المرسلين.

أبوها هو (عبيد الله بن عباس) وكان والياً على اليمن من قِبَل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وأمّها هي السيدة الجليلة (أمّ حكيم بنت خالد بن قرض الكنانية)، وكانت من أجمل النساء وأوفرهنّ عقلاً، وقد فُجعت هذه السيدة الفاضلة بمقتل ولدَيْها الصغيرين (عبدالرحمن وقثم) من قبل السفّاح (بسر بن ارطأة) أحد قادة جيوش معاوية بن أبي سفيان عندما احتلّ اليمن، حيث لم يتمكّن عبيد الله من الصمود أمام الجيش الأموي، الأمر الذي دعاهُ إلى ترك اليمن، لكنّه لم يتمكّن من أخذ طفلَيْه معه؛ لأنّه كان قد أرسلهما إلى البادية ليَنْشَآ هناك، وكان هذا الأمرُ مألوفاً عند أهل الجزيرة العربية، ولمّا علم بسر بن ارطأة بوجود هذين الطفلين أرسل لهما رجاله، وأمر بذبحهما.(2)

والسيدة لبابة بنت عبيدالله بن عباس هي التي أنجبت لأبي الفضل العباس عليه السلام الفضل وعبيد الله.

وكان عبيد اللّه من كبار العلماء موصوفاً بالجمال والكمال والمروءة مات سنة 155 هجرية.

تزوّج من ثلاث عقائل كرام، وهن: رقية بنت الحسن بن علي، وبنت معبد بن عبد اللّه بن عبد المطلب، وبنت المسوّر بن مخرمة الزبيري.

ولعبيد اللّه هذا منزلة كبيرة عند السّجاد كرامة لموقف أبيه قمر بن هاشم، وكان إذا رأى عبيد اللّه رقّ، واستعبر باكياً، فإذا سُئل عنه قال: (إنّي أذكر موقف أبيه يوم الطفّ، فما أملك نفسي).

وانحصر عقب عبيد اللّه في ولده الحسن، وكان لأُم ولد، عاش سبعاً وستّين سنة، وأولد الحسن بن عبيد اللّه بن العبّاس خمسة أولاد، وهم: الفضل، والحمزة، وإبراهيم، والعبّاس، وعبيد الله، وكُلّهم أجلاّء فضلاء أُدباء.(4)

ومن ثم استمر نسل العباس بن علي بن ابي طالب كما هو الحال في كتب الأنساب.

ــــ

1ـ العباس للمقرّم: ص 158.

2ـ العباس ابو الفضل بن امير المؤمنين، للجلالي: ص 257.

3ـ تاريخ الطبري : ج 5، ص 139.

4ـ المجدي في أنساب الطالبين: 231.

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه