مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية

أكدّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته عليهم‌السلام على التآزر والتعاون والتواصل والتحابب ليكون الود والوئام والسلام هو الحاكم في العلاقات الاجتماعية بين الفرد والمجتمع وبين الأفراد أنفسهم ، فلا يطغى حق الفرد على حق المجتمع ، ولا حق المجتمع على حق الفرد ، ونهوا عن تبادل النظرة السلبية كحد أدنى في الحقوق المترتبة على الفرد اتجاه المجتمع ، قال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يحل لمسلم أن ينظر إلى أخيه بنظرة تؤذيه

»

وعدم جواز النظرة السلبية يعني عدم جواز سائر مظاهر الأذى ومصاديقه في القول وفي الممارسة العملية ، فلا تجوز الغيبة ولا البهتان
ولا الاعتداء على أموال الآخرين وأعراضهم وأرواحهم ، بل يجب صيانة حرماتهم بجميع مظاهرها.

وحثّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على مداراة الآخرين والرفق بهم ، والالتزام بهذه التوصيات من شأنه أن يؤدي إلى مراعاة جميع الحقوق الاجتماعية لانبثاقها منها وتفرعها عليها ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مداراة الناس نصف الايمان ، والرفق بهم نصف العيش

ومن أحب الأعمال إلى اللّه تعالى والواقعة في أُفق مراعاة الحقوق الاجتماعية هي ادخال السرور على المؤمنين ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ أحبّ الأعمال إلى اللّه عزَّ وجلَّ إدخال السرور على المؤمنين»

وإدخال السرور يتحقق باسماعهم الكلمة الطيبة والقول الجميل ، واحترامهم ، والتعاون في حلِّ مشاكلهم ، ومشاركتهم في آمالهم وآلامهم ، وأفراحهم وأحزانهم ، والدفاع عن أموالهم وأعراضهم وأنفسهم ، ورفع الأذى عنهم ، ونصرتهم للقيام بمواجهة أعباء الحياة.

وحدّد الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام سبعة من الحقوق تكون مصداقا لادخال السرور على المؤمنين من أفراد المجتمع الكبير ، عن معلّى بن خنيس ، عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : ما حقّ المسلم على المسلم؟ قال له : «سبع حقوق واجبات ما منهنَّ حقّ إلاّ وهو عليه واجب ، إن ضيّع منها شيئا خرج من ولاية اللّه وطاعته ، ولم يكن للّه فيه من نصيب ... أيسر حقّ منها : أن تحبّ له ما تحبّ لنفسك ، وتكره له ما تكره لنفسك.

ومنها : أن تجتنب سخطه ، وتتّبع مرضاته ، وتطيع أمره.

ومنها : أن لا تشبع ويجوع ، ولا تروي ويظمأ ، ولا تلبس ويعرى.

ومنها : أن تبرّ قسمه ، وتجيب دعوته ، وتعود مريضه ، وتشهد جنازته ، وإذا علمت أنَّ له حاجة تبادره إلى قضائها ، ولا تلجئه أن يسألكها ، ولكن تبادره مبادرة ، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته ، وولايته بولايتك

وفي رواية أُخرى ذكر عليه‌السلام جملة من الحقوق فقال : « إنَّ من حقّ المؤمن على المؤمن : المودة له في صدره ، والمواساة له في ماله ، والخلف له في أهله ، والنصرة له على من ظلمه ، وان كان نافلة في المسلمين وكان غائبا أخذ له بنصيبه ، وإذا مات الزيارة في قبره ، وأن لا يظلمه ، وأن لا يغشه ، وأن لا يخونه ، وأن لا يخذله ، وأن لا يكذب عليه ، وأن لا يقول له أفّ .. »

ومن الحقوق أن يناصح المؤمن غيره من المؤمنين ، قال الامام الصادق عليه‌السلام : «يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه»

ومن الحقوق : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، والوفاء بالعهد ، وحسن الخلق ، والقرب من الناس ، قال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أقربكم مني غدا في الموقف أصدقكم للحديث ، وآداكم للأمانة ، وأوفاكم بالعهد ، وأحسنكم خلقا ، وأقربكم من الناس»

ومن الحقوق تحكيم الأواصر المشتركة في العلاقات ، والتعامل من خلال الاُفق الواسع الذي يجمع الجميع في أُطر ونقاط مشتركة ، ونبذ جميع الأواصر الضيقة ، فحرّم الإسلام التعصب للعشيرة أو القومية ، ودعا إلى إزالة جميع المظاهر التي تؤدي إلى التعصب المقيت ، قال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ليس منّا من دعا إلى عصبية ، وليس منّا من قاتل على عصبية ، وليس منّا من مات على عصبية»

ومن أهم الحقوق إصلاح ذات البين ؛ لأنّه يؤدي إلى علاج كثير من الممارسات السلبية التي تفكّك أواصر الأخاء وتستأصل الوئام في أجوائه ، لذا قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام»