مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية

وضمن هذا الباب تؤكد تعاليم مدرسة أهل البيت : على استحباب قناعة السائل ودعائه لمن أعطاه ،

وزيادة إكرام السائل القانع الشاكر ، فبإسناد ينتهي إلى مسمع بن عبدالملك قال : كنّا عند أبي عبدالله عليه‌السلام بمنى وبين يدينا عنب نأكله ، فجاء سائل فسأله ، فأمر له بعنقود فأعطاه ، فقال السائل : لا حاجة لي في هذا ، إن كان درهم ، فقال عليه‌السلام : « يسع الله لك ولم يعطه شيئاً. فذهب ثمّ رجع فقال : ردّوا العنقود ، فقال عليه‌السلام : يسع الله لك ولم يعطه شيئاً ، ثمّ جاء سائل آخر فأخذ أبو عبدالله عليه‌السلام ثلاث حبّات عنب فناولها إيّاه ، فأخذ السائل من يده ، ثم قال : الحمد لله رب العالمين الذي رزقني. فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : مكانك فحثا مل ء كفّيه عنباً فناولها إيّاه ، فأخذها السّائل من يده ثمَّ قال : الحمد لله ربّ العالمين ، فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : مكانك يا غلام ، أي شيء معك من الدّراهم ؟ فإذا معه نحو من عشرين درهماً فيما حزرناه أو نحوها ، فناولها إيّاه فأخذها ثم قال : الحمد لله هذا منك وحدك لا شريك لك. فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : مكانك ، فخلع قميصاً كان عليه ، فقال : إلبس هذا ، فلبس ثمّ قال : الحمد لله الذي كساني وسترني يا أبا عبدالله ، أو قال : جزاك الله خيراً ، لم يدع لأبي عبدالله عليه‌السلام إلا بذا ، ثمّ انصرف فذهب ، قال : فظننا أنّه لو لم يدع له لم يزل يعطيه لأنّه كلّما كان يعطيه حمد الله [ على ما ] أعطاه » (١).
هكذا كان نهج آل البيت : مع السائل ضمن دائرة التكافل ، وهكذا كان أدبهم الرَّفيع في العطاء معهم. فهو يريد من السائل أن لا يغفل عن الله تعالى الذي هو مصدر الرّزق والعطاء ، وأن يدرك بأن الإنسان المنفق ، وأن سمت مكانته وعلا شأنه ليس إلاّ مجرّد وسيلة للفيوضات الإلٰهية.
*************************
(١) الكافي ٤ : ٤٩ / ١٢ باب النوادر من كتاب الزكاة.