مجلة ريحانة الالكترونية

حفظ اسرار الزوجية

لقد جاءت التعاليم القرآنية وتوجيهات النبي  الاعظم(ص) واهل البيت(عليهم السلام) والمبادئ التربوية

والاجتماعية السليمة بما يكفل المحافظة على كيان الأسرة المسلمة، لتبقى العلاقة الزوجية سامية وسالمة من الأمراض المعنوية والمشكلات الأخلاقية والأحداث المؤلمة المبكية، ومن ذلك الأمر بالستر وحفظ أسرار الأسر والنهي عن كل قول وفعل يجلب لها ضرراً أو يمنع عنها نفعاً.

 

هذه الأسرار الزوجية قد تكون إيجابية أسرار حسنة، أو سلبية أسرار سيئة، فالأسرار الإيجابية عندما تفشى وتذاع عند الآخرين فإنها قد تولد في نفوس بعضهم ما لا تحمد عقباه من حسد أو حقد أو كره ومكر، ولأن هذه العواقب تحدث حقيقة في نفوس بعض البشر،

فقد حذّر يعقوب ؛ ابنه يوسف ( علي نبينا وآله وعليهما السلام)  من إخبار إخوته بالرؤية التي رآها،

 قال تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}(5) سورة يوسف.

 فالحدث إيجابي وأوصى يعقوب يوسف - عليهما السلام - بعدم إفشائه حتى لإخوته لكيلا يحدث شيء من تلك العواقب السيئة.

وقد تكون الأسرار الزوجية سلبية - إما خُلقية أو خَلقية - وعندما تفشى هذه الأسرار يقع المتحدث بها أولاً في الغيبة التي حرمها الله - عز وجل - وتوعد عليها رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، قال تعالى: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا}(12) سورة الحجرات.

ومن أبرز أسباب إفشاء الأسرار الزوجية: عدم قدرة أحدهما على الصبر لما يعانيه من مشكلات وأزمات في أسرته، مما يدفعه إلى إفشائها إما بحثاً عن علاج و إما تخفيفا من ألم الكتمان. ومنها كذلك قلة العقل والدين، فالعقل السليم يمنع الإنسان من التحدث بأي حديث قد يجلب له ضرراً أو يدفع عنه خيراً، والدين يردعه عن كل قول وفعل لا يرضاه الله ورسوله - صلى الله عليه و آله وسلم -.

ومن الأسباب كثرة الخلطة بالآخرين، فعندما يجلس الزوج أو الزوجة مع الآخرين فترات طويلة فإنه لا بد أن يحدثهم ويحدثوه فيكثر الكلام حتى يصل إلى تلك الأسرار، ومنها كذلك عدم جلوس أفراد الأسرة (الزوجين والأبناء) مع بعضهم كثيراً، حتى يتكلم كل فرد للآخر، مما يجعل بعض أفرادها يضطر إلى الحديث عما في نفسه إلى الآخرين، ومن بين الأسباب الكِبر والغرور، الذي يدفع الإنسان إلى التباهي بما يملك وما لا يملك والحديث به أمام الآخرين.

وقد وصف الحكماء من يفشي أسراره بأنه ضيق الصدر قليل الصبر، كما وصفوه بالغافل عن حذر العقلاء ويقظة الأذكياء،

کما قال امير المومنين علي بن ابيطالب (عليه السلام):
سرک اسيرک، فان افشيته صرت اسيره.

كما أن الرجال يفضلون المرأة الكتوم التي لا تفشي سراً أو تنقل كلاماً، قال جرير يرثي زوجته في عفافها ومحافظتها على أسرار بيتها:

كانَت إِذا هَجَرَ الحَليلُ فِراشَها --- خُزِنَ الحَديثُ وَعَفَّتِ الأَسرارُ

إن نقل أسرار العلاقة الزوجية - أسرار البيت - خارج نطاق الأسرة الزوجية يعني ازدياد اشتعال نارها، وإضرام نار العداوة والبغضاء بين الزوجين إضراماً يذهب بما بقي من أواصر المحبة بينهما، وكتمان الزوجين أسرار بيتهما يعقبه السلامة، وإفشاؤه يعقبه الندامة، وصبرهما على كتمان السر أيسر من الندامة على إفشائه. وإن نفد الصبر على كتمان السر ثم عجزتما عن إيجاد العلاج له بنفسيكما، فابعثا حكماً من أهله وحكماً من أهلها يصلحا ما قد فسد ويقوما ما قد أعوج، وإن لم تجدا فهناك الاستشارات الأسرية والعائلية عبر المواقع الإلكترونية ومكاتب التوفيق الاجتماعي ولجان الإصلاح في المحاكم الشرعية وغيرها من وسائل الإصلاح والتوفيق.

أخيرا: إن على الزوجين التواصي دائماً بما فيه صالح حياتهما الزوجية، ومن ذلك التواصي بحفظ أسرارهما العائلية وعدم نقلها خارج عش الزوجية، لأن حفظ أسرار البيت من أهم عوامل نجاح الحياة الزوجية واستمرارها

رابط الموضوع

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه