مجلة ريحانة الالكترونية

توقّفي عن نهر طفلك بسبب تساؤلاته الكثيرة

ماما لماذا الله في السماء؟ بابا من أين جاءت أختي؟ تساؤلات بالتأكيد صادفت كل أم وأب، وتتزايد يوماً بعد يوم مع ازدياد

عمر الطفل، وقد يصل الأمر بالوالدين إلى استخدام أسلوب النهر ورد الفعل القاسي بسبب كثرة تساؤلات الأطفال، والتي قد تزيد عن الحد في نظرهما، من هذا المنطلق نناقش أهمية تساؤلات الأطفال وكثرتها وكيفية تعامل الراشدين معها.

تساؤلات الطفل هي مفتاح عقله
لماذا قد لا يسمح الوالدان لأبنائهما ويعطيانهم الوقت والفرصة لسرد كل ما يجول في خاطرهم من أسئلة يرونها هم غامضة بالنسبة لهم حتى وإن كانت تافهة في نظر الوالدين؟
تشير الأخصائية عائشة إلى ما تسببه النصائح الشائعة والمتداولة بين الآباء عن تربية الأبناء، ذاكرة أن عالم الطفل مليء بالغموض المصاحب للعفوية التي تدفعه لطرح الأسئلة مراراً وتكراراً بدافع الفضول والحصول على إجابة تكشف له غموض ما قد يراه ولا يجد له تفسيراً، ولكن كثيراً ما يرى الوالدان وليس هما فقط، كذلك بعض المعلمين، أن أسئلة الطفل الكثيرة هي أمر مضجر يصفون خلاله الطفل بـ"الزنان أو الثرثار".
وفي واقع الأمر هذا ليس بالوصف الصحيح، فكثرة تساؤلات الأطفال مفتاح منير لبوابة عقولهم، وتعتبر أمراً فطرياً نفسياً يسمى "غريزة حب الاستطلاع"، والذي يقوي ويدعم تنمية المهارات العقلية للطفل منذ طفولته، والعكس صحيح، وهذا ما يجب على الوالدين معرفته ليتفهما جيداً سبب تساؤلات الأطفال المتكررة.

لماذا يكثر الأطفال من التساؤلات؟
هناك أمور عدة يتضمنها لجوء الأطفال إلى التساؤلات المتكررة وإعادة الأسئلة في الأمر الواحد أكثر من مرة في بعض الأوقات، ومن أسباب ذلك:
• قلة الحصيلة المعرفية للأطفال بصورة عامة، والشعور بأنهم في عالم مجهول يتضمن أموراً غامضة بالنسبة لهم يصادفونها لأول مرة.
• يصيب الفضول والحيرة الأطفال في مواقف متعددة وعند وقوفهم أمام أمر لا يفهمون أسبابه، مثل: تعليم الطفل الصلاة وأهميتها، ففي البداية لا يفهم الطفل أهمية الصلاة حتى وإن تم شرح الوالدين له، لكن قد تظل هناك جوانب غامضة أكبر من مخيلته وتفكيره الصغير، لذا يظل يطرح الأسئلة لمحاولة إيجاد تفسير سهل يتقبله عقله.
• إفراغ كبت من المشاعر الداخلية المليئة بالقلق والخوف، فبعض الأطفال يسمعون في محيطهم عن بعض الأمور التي قد تخيفهم، ويكثرون الأسئلة لإيجاد رد شافٍ يدخل الطمأنينة إلى قلوبهم.
• تكون الأسئلة الكثيرة رغبة صادقة لحب الطفل للتعلم ومعرفة جميع ما يدور حوله.
أضرار نهر الطفل بسبب تساؤلاته
رغبة الفضول والاستكشاف عند الطفل عندما تواجه دائماً بالرد العنيف من قبل الوالدين والنهر الذي يصاحبه الغضب العالي ونهره عن تكرار أسئلته التي لا تفيد والتافهة كما يراها الوالدان قد تكون السبب في تقييد الأطفال بعدة مشاكل تؤثر عليهم خلال نشأتهم وتنمية مهاراتهم المعرفية والتعليمية، ومنها:
• قتل الرغبة لدى الطفل في تجربة الأمور واستكشافها.
• التوقف عن تطوير قدرات الطفل العقلية والمهارية والاكتفاء فقط بالمشاركة السلبية في الأمور المختلفة دون فهمها.
• حدوث اضطرابات في نمو الأطفال المعرفي وسلوكهم الاجتماعي.
• الموقف السلبي الذي قد يتخذه الطفل بالشعور بعدم أهمية تساؤلاته والتوقف عن المعرفة.
• ضعف النمو المعرفي عند الطفل عند تجاهل الإجابة على استفساراته.
• ضعف العلاقة الأسرية بين الطفل والوالدين، فيتجنب الطفل اللجوء للوالدين بسبب أسلوبهما معه المليء بالسخرية أو النهر له لينغلق على نفسه خوفاً من ردة فعلهما.
• تزايد مخاوف الطفل وقلقه بسبب عدم إيجاد رد يشعره بالاطمئنان، خاصة إن كانت تساؤلاته تدور حول أحد الأمور التي تخيفه أو تثير قلقه ولا يجد لها تفسيراً.
• لجوء الأطفال لمصادر خاطئة بعيدة عن الوالدين في محاولة لإيجاد إجابات على أسئلتهم.

كيف يتعامل الوالدان مع تساؤلات الأطفال الكثيرة؟
على الوالدين أو الأخوات البالغات أن يكونوا أذكياء ويتصفوا بالحلم والصبر أمام تساؤلات الأطفال، وأن ينصتوا بشكل كامل لهم مع الاهتمام لما يطرحونه من أسئلة كي يشعر الطفل بأهمية حديثه وتجاوبهم معه، متبعين عدة أساليب في تعاملهم معه، ومن أهمها:
• تسهيل وإيضاح الإجابة بما يتناسب مع عمر الطفل ليتمكن من استيعابها بصورة كاملة، فلا يكرر التساؤل عنها مجدداً.
• عند سؤال الطفل عن أمر ما يجب على المستمع الإنصات التام له وإبداء الاهتمام، وبعد الإجابة على ما طرحه يجب أن يسأله المستمع إن كانت لديه تساؤلات أخرى في ذات الموضوع كي ينهي البالغ حيرة الطفل المصاحبة لسؤاله من كافة الجوانب.
• عدم تعنيف الطفل مطلقاً في حالة تكرار السؤال أو كثرتها كي لا يصاب الطفل بالخيبة ويشعر بالإهمال ويتوقف عن الاستفهام والتعلم المعرفي.
• عدم المبالغة في إعطاء الإجابة للطفل بالتطرق لنقاط قد تكون أكبر من عمره العقلي، هنا يصاب الطفل بالاضطراب والحيرة لعدم وصول الإجابة له بالشكل الصحيح وفتح محاور أخرى لها.
• تشجيع الطفل على القراءة والتعلم من خلال الأسئلة بتوجيه الوالدين للأبناء بأهمية القراءة والتعاون معهم في ذلك، مما يثري عقل الطفل للاطلاع والاهتمام بالقراءة في الأمور التي يجهلها.
• في حالة سؤال الأطفال عن أمور مبالغ بها بالنسبة للوالدين، مثل: السؤال عن "الجنس"، على الآباء التعامل بذكاء من خلال الإجابة على قدر سؤال الطفل، وليس أكثر، وعدم نهر الطفل عنها؛ لأن ذلك سيؤدي لزيادة فضوله لمعرفتها بطرق قد تكون سلبية عليه.
• الاستعانة ببعض الوسائل التعليمية للرد على أسئلة الأطفال من كتب تعليمية وموسوعات تثبت المعلومة بشكل أسرع للطفل.


وفي النهاية، نصيحة للآباء والأمهات والمعلمين والأخوات، انتهزوا الفرص عند تساؤلات الأطفال، واجعلوها نقطة تحول معرفية لهم تغني من ذكائهم المعرفي وتنمية أفكارهم، مستغلين ذلك بمناقشة جميع الأمور المختلفة وإيضاح كل المعلومات الخاطئة التي يحملها الطفل لإظهار الصواب له.

رابط الموضوع

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه