مجلة ريحانة الالكترونية

تأثير الأم بين أعضاء الأسرة

 

أهم عامل يثير الرأفة و التضحية و الايثار بين أفراد العائلة ، هو تجلي روح الأم بين

أعضاء الأسرة ؛

ان المجتمع الإنساني ، يحتاج إلى علل و عوامل ليتأمن صفاء الضمير بين أفراده ، و لاتكفي فقط القوانين و المقررات السياسية و العسكرية و الاقتصادية و غيرها . و من ناحية أخرى ، إن المجتمع البشري الكبير يتشكل من مجتمعات صغيرة عائلية ، أي ان أعضاء العوائل المتعددة ، هي عامل تحقق مجتمع رسمي ، و مادام لم يقع سبب الرأفة بين أعضاء الاسرة ، فان صفاء الضمير و روح التعاون و علاقات المحبة ، لاتقوم ابداً بين أفراده عند تشكل المجتمع الرسمي ، و أهم عامل يثير الرأفة و التضحية و الايثار بين أفراد العائلة ، هو تجلي روح الأم بين أعضاء الأسرة ؛ لأنه رغم ان الأب يتولى الأعمال الإدارية لمجتمع صغير ( أي العائلة ) بعنوان ـ الرجال قوامون على النساء ـ ولكن أساس العائلة ، الذي شيد على الرأفة و الوفاء و الارتباط هو بعهدة الأم ؛ لأن الأم تولد أبناء يرتبط كل منهم بالآخر ، و الأفراد الذي يولدون من امرأة واحدة ، ليسوا مثل فواكه شجرة واحدة ، حيث لاتظهر روح الايثار الإنساني في مستوى النبات ، و ليسوا مثل صغار حيوان انثى ، يفتقدون التعاون الإنساني ، و لايتجلى فيهم الارتباط البشري الخاص .

بل إن الأبناء الذين يولدون من امرأة واحدة سواء كان ذلك بفاصلة زمنية أو بدون فاصلة ، يرأف و يرحم بعضهم بعضاً ، و ينمون اتصالهم الفطري في ظل التعاليم الدينية ، و قد عد حفظ هذا الاتصال ، و عدم نسيانه من الواجبات المهمة في الدين ، و إذا قطع شخص هذا الاتصال الفطري و الديني ، سيحرم من الرحمة الإلهية الخاصة ؛ لأن صلة الرحم هي من الأشياء التي أمر بها الله ، و قد ورد اللعن لقاطعين الشيء ، الذي يجب وصله : ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، و يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ، و يفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون ) ، (سورة البقرة ، الآية : ۲۷) ؛( و الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، و يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ، و يفسدون في الإرض أولئك لهم اللعنة ، و لهم سوء الدار ) ، (سورة الرعد ، الآية : ۲۵) .

و لعل سر ذكر الافساد في الأرض إلى جانب قطع الشيء اللازم وصله ، هو ان الأفراد الذين نموا في عوائل متدينة أصيلة ، و ادركوا قانون صلة الرحم ، و حفظ اتصال الأعضاء ، و عملوا بذلك ، عندما يدخلون المجتمع الرسمي ، لايقومون بالافساد في الأرض ؛ لأنهم دخلوا المجتمع بروح اتصال و إيثار ، ولكن الذين يترعرعون في عوائل غير متدينة ، فلأن أساس الارتباط الفطري ، قد أهمل بين أعضائها من أثر عدم مراعاة قانون صلة الرحم ، و لزوم الايثار و التعاون و غيرها ، لذا عندما يدخلون إلى المجتمع الرسمي ، تظهر ظواهر توحش ، و تنمّر أيضاً . الخلاصة ان قانون صلة الرحم ، هو قاعدة مهمة تقوم بتربية المجتمع الصغير ، و تهيئ أرضية إزدهار المجتمعات الكبيرة ، و صلة الرحم هي قاعدة سائدة على الأرحام و المحارم و الأقرباء العائليين ، و سبب كل هذه الارتباطات هو ظهور جميع الأعضاء من رحم واحد ، و ذلك الرحم الذي يولد الأعضاء المرتبطة موجود في المرأة ، و النتيجة ان النواة الأساسية للعائلة تتعهدها المرأة ، رغم ان الرجل مسئوول عن الأعمال التنفيذية ، و تأمين نفقات الحياة و أمثال ذلك ، من هنا نقرأ في القرآن الكريم ضمن توصية الإنسان بتكريم الوالدين ، تذكيراً بجهود الأم : ( و وصيّنا الإنسان بوالديه أحساناً حملته أمه كرهاً ، و وضعته كرهاً و حمله و فصاله ثلاثون شهراً ) ، ( سورة الاحقاف ، الآية : ۱۵) ؛ ( حملته أمه وهناً على وهن ، و فصاله في عامين ) ، (سورة لقمان ، الآية : ۱۴) .. ، كما أن الإمام السجاد عليه السلام بين في رسالة الحقوق لزوم مراعاة حقوق الأرحام بمقدار الارتباط و القرابة بالنسبة إلى الرحم ، و أكد أن اول حق في النظام العائلي هو للأم ، ثم تحدث عن حق الأب ، و قال : ( … و حقوق رحمك كثيرة ، متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة فأوجبها عليك ، حق أمك ثم حق أبيك ، ثم حق ولدك ، ثم حق أخيك ، ثم الأقرب فالأقرب ) ، ( تحف العقول ، رسالة الحقوق للإمام السجّاد عليه السلام ) .

رابط الموضوع

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه