مجلة ريحانة الالكترونية

بارك الله عليك يا نسيبة

هنا معركة أحد، حيث تخاذل بعض الصحابة عن أوامر النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وأخذ العدو يتقدم أكثر وأكثر نحو المسلمين، فلم يبق مع رسول الله إلا أبو دجانة سماك بن خرشة وأمير المؤمنين عليه السلام. وكلما حملت طائفة على رسول الله صلى الله عليه وآله استقبلهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فيدفعهم عن رسول الله، ويقتلهم حتى انقطع سيفه. وبقيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله نسيبة بنت كعب المازنية، وكانت تخرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزواته تداوي الجرحى، وكان ابنها معها، فأراد أن ينهزم، ويتراجع، فحملت عليه، فقالت: يا بني إلى أين تفر؟ عن الله وعن رسوله؟ فردته، فحمل عليه رجل، فقتله، فأخذت سيف ابنها، فحملت على الرجل، فضربته على فخذه، فقتلته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: «بارك الله عليك يا نسيبة».
وكانت تقي رسول الله صلى الله عليه وآله بصدرها ويديها حتى أصابتها جراحات كثيرة، وحمل ابن قميئة على رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: أروني محمدا، لا نجوت إن نجا، فضربه على حبل عاتقه، ونادى: قتلت محمدا واللات والعزى، ونظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رجل من المهاجرين قد ألقى ترسه خلف ظهره وهو في الهزيمة، فناداه: «يا صاحب الترس ألق ترسك، ومر إلى النار»، فرمى بترسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا نسيبة خذي الترس، فأخذت الترس، وكانت تقاتل المشركين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: «لمقام نسيبة أفضل من مقام فلان وفلان وفلان».
فلما انقطع سيف أميرالمؤمنين عليه السلام جاء إلى رسول الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله إن الرجل يقاتل بالسلاح، وقد انقطع سيفي، فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وآله سيفه ذا الفقار، فقال: قاتل بهذا، ولم يكن يحمل على رسول الله صلى الله عليه وآله أحد إلا استقبله أميرالمؤمنين عليه السلام، فإذا رأوه رجعوا، فانحاز رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ناحية أحد، فوقف، وكان القتال من وجه واحد، وقد انهزم أصحابه، فلم يزل أميرالمؤمنين عليه السلام يقاتلهم حتى أصابه في وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحة فتحاموه، وسمعوا مناديا من السماء :
«لا سَيفَ إلّا ذُو الفَقارِ، ولا فَتى إلّا عَلِيٌّ».
فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: يا محمد! هذه والله المواساة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: «لأني منه وهو مني»، فقال جبرئيل: وأنا منكما.(1)
لم يقتصر حضور السيدة نسيبة المازنية في المعارك على أحد (في الثالثة للهجرة) فحسب، بل حضرت خيبر في السنة السابعة للهجرة، وفي السنة التالية أي الثامنة شهدت حنين، وأيضا اليمامة في الحادية عشرة ضدّ مُسَيلمة، حيث قُطعت يدها.(2)
وكانت هند بنت عتبة في وسط العسكر، فكلما انهزم رجل من قريش دفعت إليه ميلا ومكحلة، وقالت: إنما أنت امرأة، فاكتحل بهذا.
 


1ـ بحار الأنوار: ج 20، ص 54؛ راجع الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله: ج 7، ص 202.
2ـ الإصابة: ج 4، ص 479.
 

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه