مجلة ريحانة الالكترونية

النّبي يسعى في زواج جويبر

وعن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام في قصة جويبر وإرساله النبي إلي بعض رؤساء القبائل وأمره بتزويج إبنته من جويبر.

قال فيه : إنّ رجلاً كان من أهل اليمامة يقال له جويبر: أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منتجعاً للإسلام ، فأسلم وحسن إسلامه وكان رجلاً قصيراً دميماً محتاجاً عارياً وكان من قباح السودان إلى أن قال : وإن رسول الله نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة له ورقة عليه فقال : لو تزوجت إمرأة فعفّت بها فرجك وإعانتك على دنياك وآخرتك

.

فقال له جويبر : يا رسول الله بأبي أنت وأمي من يرغب فيّ فو الله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال ، فأيّة امرأة ترغب في ؟!

فقال له رسول الله : يا جويبر إن الله قد وضع بالإسلام من كان في الجاهلية شريفاً ، وشرّف بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعاً وأعزّ بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلاً ، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهيلة وتفاخرها بعشايرها وباسق أنسابها ، فالناس اليوم كلهم أبيضهم وأسودهم وقرشيّهم وعربيّهم وعجميّهم من آدم ، وأنّ آدم خلقه الله من طين وأن أحب الناس إلى الله أطوعهم له وأتقاهم وما أعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم إلاّ لمن كان أتقى لله منك وأطوع.

ثم قال له : إنطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد فإنّه من أشرف بني بياضة حسباً فيهم ، فقل له : إنّي رسول الله إليك وهو يقول لك : زوج جويبراً إبنتك الدلفاء.
قال : فانطلق جويبر برسالة رسول الله إلى زياد بن لبيد وهو في منزله وجماعة من قومه عنده ، فاستاذن فأذن له ، وسلم عليه ، ثم قال : يا زياد بن لبيد ، إنّي رسول رسول الله إليك. في حاجة لي فأبوح بها أم أسرّها إليك ؟

فقال له زياد : لا بل بح بها ، فإنّ ذلك شرف لي وفخر.

فقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لك : زوّج جويبر إبنتك الدلفاء.

فقال له زياد : أرسول الله أرسلك إليّ بهذا يا جويبر ؟

فقال : نعم ، ما كنت لأكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فقال له زياد : إنّا لا نزوّج فتياننا ، إلاّ أكفاءنا من الأنصار.

فانصرف جويبر وهو يقول : والله ما بهذا نزل القرآن ولا بهذا ظهرت نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فسمعت مقالته الدلفاء بنت زياد وهي في خدرها ، فأرسلت إلى أبيها أن أدخل إلي ، فدخل إليها ، فقالت : يا أباه ما هذا الكلام الذي سمعته منك تحاور به جويبر ؟

فقال لها : ذكر لي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أرسله وقال : يقول لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : زوّج جويبر إبنتك الدلفاء.

فقالت له : وما كان جويبر ليكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحضرته ، فابعث الآن رسولاً يرد عليك جويبراً ، فبعث زياد رسولاً فلحق جويبراً.
فقال له زياد : يا جويبر مرحبا بك إطمئن حتى أعود إليك. ثم انطلق زياد إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : بأبي أنت وأمّي إنّ جويبراً أتاني برسالتك وقال : أنّ رسول الله يقول لك : زوّج جويبر إبنتك الدلفاء ، فلم ألن له في القول ورأيت لقاءك ، ونحن لا نزوج إلاّ أكفاءنا من الأنصار.

فقال له رسول الله : يا زياد جويبر مؤمن والمؤمن كفؤ المؤمنة والمسلم كفؤ المسلمة ، فزوّجه يا زياد ولا ترغب عنه.

قال : فرجع زياد إلى منزله ودخل على إبنته فقال لها : ما سمعه من رسول الله.

فقالت له : إنّك إن عصيت رسول الله كفرت. فزوّج جويبر إبنته الدلفاء فخرج زياد فأخذه بيده جويبر ثم أخرجه إلى قومه فزوّجه لى سنة الله وسنة رسول الله وضمن صداقه.

قال : فجهّزها زياد وهيأها ، ثم أرسلوا إلى جويبر فقالوا له : ألك منزل فيسوقها إليك ؟

فقال : والله ما لي من منزل.

قال : فهيّؤا لها منزلاً وهيّؤا فيه فراشاً ومتاعاً وكسوا جويبر ثوبين و أدخلت الدلفاء في بيتها وأدخل جويبر عليها مغتمّاً ، فلما رأها نظر إلى بيت ومتاع وريح طيبة ، قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن وراكعاً وساجداً حتى سمع النداء ، فخرج. فلما كانت الليلة التالية فعل مثل ذلك ، وأخفوا ذلك من زياد ، فلما كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك وأخبر بذلك أبوها ، فانطلق الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : بأبى أنت وأمي يا رسول الله ، أمرتني بتزويج جويبر ، ولا والله ما كان من مناكحنا ولكن طاعتك أوجبت علي تزويجه.

فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فما الذي أنكرتم منه ؟

فقال إنّا هيّأنا له بيتاً ومتاعاً وأدخلت بنتي البيت وأدخل معها مغتمّاً فما كلمها ولا نظر إليها ولا دنا منها ، بل قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتى سمع النداء وخرج وفعل مثل ذلك في الليلة الثانية ومثل ذلك في الليلة الثالثة ، فلم يدنوا منها ولم يكلمها إلى أن جئتك وما نراه يريد النساء. فانظر في أمرنا.

فانصرف زياد ، وبعث رسول الله إلى جوبير فقال له : أما تقرب النساء ؟ فقال له : جوبير بلى يا رسول الله إنّي لشبق منهم إلى نساء.

فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :قد خبّرت بخلاف ما وصفت به نفسك وقد ذكر لي أنّهم هيوأ لك بيتاً وفرشاً ومتاعاً وأدخلت عليك فتاة حسناء عطرة وأتيت مغتمّاً فلم تنظر إليها ولم تكلمها ولم تدنوا منها ، فما دهاك إذاً ؟

فقال له جويبر يا رسول الله : أدخلت بيتاً واسعاً ورأيت فراشاً ومتاعاً وفتاة حسناء عطرة ، فذكرت حالي التي كنت عليها وغربتي وحاجتي ووضيعتي وكينونتي مع الغرباء والمساكين فأحببت إذ ولاّني الله ذلك أن أشكره على ما أعطانى ، وأتقرب إليه بحقيقة الشكر ، فنهضت إلى جانب البيت ، فلم أزل في الصلاة تالياً للقرآن راكعاً وساجداً أشكر الله تعالى حتى سمعت النداء ، فخرجت فلما أصبحت رأيت أن أصوم ذلك اليوم ففعلت ذلك ثلاثة أيام ولياليها ورأيت ذلك في جنب ما أعطاني الله عزوجل يسيراً ولكنيّ سأرضيه الليلة إن شاء الله تعالى ، فأرسل رسول الله إلى زياد فأتاه فأعلمه بما قال جويبر. فطابت أنفسهم.

قال : ووفى لهم جويبر بما قال.

ثم إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج في غزوة له ومعه جويبر فاستشهد رحمه الله فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها بعد جويبر.

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه