مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية
لا بد من القول ، أن العقل هو الميزان ، الذي يجب أن يعرض عليه ، كل ما صلح ، وما فسد من الامور ، في كافة مناهج الحياة . فإذا كان العقل سليماً كان حكمه سليماً ... وصحيحاً يطابق الحقيقة والوجدان .
وبما أن المسلمين قد حباهم الباري سبحانه ، بدستور سماوي عظيم « القرآن الكريم » فهو المنهج الصحيح ، والطريق الواضح . فلا حاجة لهم من إدخال مناهج الغير ، واتباع ما ينافي المبادئ الإسلامية ، والتعاليم النبوية .
ولا حاجة ايضاً في اقتباس عادات غير اسلامية ، وإدخالها في حظيرة الإسلام ، والتمسك بها ، وكأنها تراث حضاري .
ومن هنا يجب على كل ذي عقل وإدراك ، التمعن والتفكر ، بتعاليم الإسلام القيمة ، وسيرة الرسول العظيمة ، ويجعل منهما مقياساً ، ونبراساً لسلوك جادة الحق والصواب .

إن من جملة البدع التي دخلت على الإسلام ، وتفشت بكل سهولة وبدون احتشام ، ولاقت رواجاً وقبولاً من الذين يدعون التجدد والانطلاق ... وهي عادة المصافحة ( السلام بالكف ) التي يستعملها رجال العصر الحاضر ونسائه وكأنها عنوان التقدم والرقي .
نرى البعض يحتج ويقول : إن القرآن لم يذكر حرمة السلام بالكف صريحاً بحيث أنه لا يجوز للمرأة أن تصافح الرجل من غير المحارم .
إن كل من يقول بعدم حرمة المصافحة بالكف ، من الرجل للمرأة ، او المرأة للرجل ، وإن الإسلام لم ينه عن استعمالها ، هو متعنت جاهل او مغالط يتجاهل الحقيقة .
إن كتب الفقه والتاريخ والسير فيها الكثير من الروايات الدالة على حرمة السلام بالكف من الرجل الأجنبي للمرأة الأجنبية ـ او بالعكس عدا المحارم .
منها ما جاء في كتاب الوسائل : عن ابي بصير عن ابي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : هل يصافح الرجل المرأة ليست بذات محرم !
فقال لا ... إلا من وراء الثوب .
وعن سماعة بن مهران قال : سألت اباعبدالله عليه السلام ، عن مصافحة الرجل المرأة قال : لا يحل للرجل أن يصافح المرأة ، إلا امرأة يحرم عليه ان يتزوجها ... اخت او بنت ، او عمة ، او خالة ، او بنت اخت ، او بنت اخ ، او نحوها .
وأما المرأة التي يحل له ان يتزوجها فلا يصافحها إلا من وراء الثوب ... ولا يغمز بكفها (1) .

مبايعة النساء للنبي (ص) يوم فتح مكة :
ذكرت الأخبار والروايات كيفية مبايعة النساء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عدة وجوه .
عن كتاب الوسائل : عن المفضل بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : كيف ماسح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم النساء حين بايعهن ؟ فقال : دعا بمركنه الذي كان يتوضأ فيه ، فصب فيه ماء ثم غمس فيه يده اليمنى فكلما بايع واحدة منهن قال : اغمسي يدكِ فتغمس كما غمس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فكان هذا مماسحته إياهن .
وعن سعد ان بن مسلم قال : قال ابو عبدالله (2) عليه السلام : أتدري كيف بايع رسول الله صلى الله عليه وآله النساء ؟ قلت : « الله اعلم وابن رسوله أعلم » قال : « جمعهنَّ حوله ثم دعا ( بتور برام ) فصب فيه نضوحاً ثم غمس يده ...» إلى أن قال : « اغمسْنَ أيديكن ففعلن . فكانت يد رسول الله (ص) الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليست له بمحرم (3).
وفي السيرة الحلبية : « أن بعض النساء قالت : هلم نبايعك يا رسول الله . قال : لا . لا أصافح النساء وإنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة » .
وعن عائشة (رض) : لم يصافح رسول الله (ص) امرأة قط ، وإنما كان يبايعهن بالكلام .
وعن الشعبي بايع رسول الله (ص) النساء وعلى يده ثوب . وقيل أنه غمس يده في إناء وأمرهن فغمسن أيديهن فيه فكانت هذه البيعة (4) .
ذكر الطبري في تاريخه أن بيعة النساء قد كانت على نحوين :
كان يوضع بين يدي رسول الله (ص) إناء فيه ماء فإذا أخذ عليهن ، وأعطينه ، غمس يده في الإناء ثم أخرجها فغمس النساء أيديهن فيه . ثم كان بعد ذلك يأخذ عليهن ، فإذا أعطينه ما شرط عليهن قال : « اذهبن فقد بايعتكن » ، لا يزيد على ذلك (5) .
بالإضافة إلى أنه إذا كان النظر محرماً فاللمس يحرم من باب الأولى .
ــــــــــــــــــــــ
(1) وسائل الشيعة ـ للحر العاملي مجلد 14 ـ ج ـ 7 ـ ص ـ 151 .
(2) المراد بأبي عبدالله عليه السلام هو الإمام جعفر الصادق الإمام السادس .
(3) وسائل الشيعة للحر العاملي ـ مجلد 14 ـ ج ـ 7 ـ ص 154 .
(4) السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي .
(5) تاريخ الطبري لابن جرير الطبري .