مجلة ريحانة الالكترونية

الخير العظيم

لما وقعة معركة القادسية، وبلغ يزدجرد بن شهريار بما وقع في المعركة وانتصار العرب عليه، وأُخبر بيوم القادسية وانجلائها عن خمسين ألف قتيل، خرج يزدجرد هارباً في أهل بيته، ووقف بباب الإيوان، وقال: السلام عليك أيها الإيوان!

ها أنا ذا منصرف عنك وراجع إليك، أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه ولا آن أوانه.

قال سليمان الديلمي: فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام، فسألته عن ذلك، وقلت له: ما قوله: «أو رجل من ولدي»، فقال: ذلك صاحبكم القائم بأمر الله عزّ وجل السادس من ولدي قد ولده يزدجرد فهو ولده.(1)
نعم، هذا الفضل والعظمة قد نالها يزدجرد بواسطة بنته شهربانو (شاه زنان)، حيث نالت هذا الخير الكثير؛ لكي تكون زوجة لسبط النبي الأكرم صلى الله عيله وآله وسيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
لما ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بن الخطاب بيع النساء، وأن يجعل الرجال عبيداً. فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أكرموا كريم كل قوم، فقال عمر: قد سمعته يقول: إذا أتاكم كريم قوم، فأكرموه، وإن خالفكم، فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام: هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم، ورغبوا في الإسلام ولابد أن يكون لي فيهم ذرية، وأنا أشهد الله وأشهدكم أني قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله تعالى، فقال جميع بني هاشم: قد وهبنا حقنا أيضا لك، فقال: اللهم اشهد أني قد أعتقت ما وهبوا لي لوجه الله، فقال المهاجرون والأنصار: وقد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله، فقال: اللهم اشهد أنهم قد وهبوا لي حقهم وقبلته، وأشهدك أني قد أعتقتهم لوجهك، فقال عمر: لمَ نقضت علي عزمي في الأعاجم؟ وما الذي رغبك عن رأيي فيهم، فأعاد عليه ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في إكرام الكرماء.
فقال عمر: قد وهبت لله ولك يا أبا الحسن ما يخصني وسائر ما لم يوهب لك، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: اللهم اشهد على ما قالوه وعلى عتقي إياهم، فرغب جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: هن لايكرهن على ذلك، ولكن يخيرن ما اخترنه عمل به، فأشار جماعة إلى شهربانويه بنت كسرى، فخيرت، وخوطبت من وراء الحجاب والجمع حضور، فقيل لها: من تختارين من خطابك؟ وهل أنت ممن تريدين بعلاً؟ فسكتت، فقال أميرالمؤمنين: قد أرادت، وبقي الاختيار، فقال عمر: وما علمك بإرادتها البعل؟ فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا أتته كريمة قوم لا ولي لها وقد خطبت يأمر أن يقال لها: أنت راضية بالبعل؟ فإن استحيت، وسكتت جعل إذنها صمتها، وأمر بتزويجها، وإن قالت: لا لم يكرهها على ما تختاره، وإن شهر بانويه اريت الخطاب، فأومأت بيدها، واختارت الحسين بن علي عليهم السلام، فأعيد القول عليها في التخيير، فأشارت بيدها، وقالت: هذا إن كنت مخيرة، وجعلت أميرالمؤمنين عليه السلام وليها، وتكلم حذيفة بالخطبة.
فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : ما اسمك؟
فقالت : شاه زنان بنت كسرى.
قال أميرالمؤمنين عليه السلام: أنت شهربانويه.(2)
فتزوجها الإمام الحسين عليه السلام، وولدت الإمام علي بن الحسين عليه السلام بالمدينة يوم الأحد في يوم الخامس من شهر شعبان المعظّم سنة ثمان وثلاثين للهجرة، وكفاها فخراً أن تكون والدة لحجة الله على خلقه، وأيضاً أن يكون المهدي الموعود عليه السلام من ذريتها.
ـــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الأنوار: ج 51، ص 164.
2ـ بحار الأنوار: ج 46، ص 16.

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه