مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية

السؤال الذي يتردد على لسان حاملي لواء المطالبة بحقوق المرأة المسلمة ، شعارهم : نحن نطالب بالحرية ... والمساواة ، لنمضي في ركب الحضارة والمدنية ، شأن النساء الاوروبيات.

وكانت صيحة محمومة ، ومطالبة صارخة ، إن هناك من الحقوق المغبونة ، والظلم الواقع ع

لى رأس المرأة المسلمة ، لأن الإسلام لم ينصف المرأة ، عندما جعلها دون الرجل ، وسلَّطه عليها.

 

والحق يقال : إن جميع ما يتشدق به دعاة المدنية ، ما هو سوى بعد عن الحقائق ، وتقليد أعمى ، درجت عليه المرأة الشرقية ، وارتضته المسلمة لنفسها ، بالاضافة إلى ما ارتضته من نقائص وسخافات مستوردة من البلاد الأجنبية ، وقلدتها راضية مرضية.

إذا كانت المرأة الأجنبية ، تطالب بحقوقها ، فهذا أمر راجع لاعتبارات كثيرة ، اقتصادية ... واجتماعية ... وتربوية ، التي كانت تعاني منها عندما كانت ترسف بالقيود ، وتتخبط في الظلمات.

وما شأن المرأة المسلمة بهذه المطالب ؟؟ مع العلم أن الإسلام أنصفها وأرضاها ، وأعطاها حقوقها كاملة غير منقوصة.

لا يخفى أن المرأة في البلدان الأجنبية ، من شرقية أو غربية قد مرَّت بأشواط قاسية.

ففي العصور المظلمة التي تخبطت بها المرأة ، كثر الجدل حول حقيقتها انها بشر ... ؟ أم شيطان ... وهل تحتوي نفسها على الخير كالرجل ؟ أم انها بشر ؟ فضلاً عن أن الرجل كان يقودها ويبيعها في السوق ، وهي راضخة ، قانعة بوضعها مكتفية بإنفاق الرجل عليها.

وبعد قيام الثورة الصناعية في جميع البلدان ، وإنشاء المصانع والمعامل والشركات تبدلت الأوضاع ... وتفاوتت الاعتبارات.

لقد أسدت الثورة الصناعية ، خدمات كثيرة إلى بني الإنسان ، ولكنها من جهة ثانية ، أساءت إلى المجتمع الأخلاقي ، الذي أخذ بالتفكك والانحلال تدريجياً. حيث أصبح الفرد لا يهتم إلا بنفسه ، ثم إشباع ذاته وحاجته وانغماسه في الملذات. لأن الثورة الصناعية أدَّت إلى نشوء طبقتين الطبقة الاولى : أرباب العمل وهم الأغنياء الذين أفسد الترف أخلاقهم ، والطبقة الثانية : العمال وهم الفقراء الذين ألجأهم الحرمان للهث وراء المال لسد حاجتهم ، ويكون المثل الأعلى يومئذٍ للرجل الناجح هو الرجل الغني.

صرف المرء حينئذٍ نفسه وتفكيره وطاقاته وجهوده عن كل شيء إلا الحصول على المال ، بأي وسيلة ، ومن أي طريق.

كان من الطبيعي أن تدخل المرأة في ميدان العمل ، لإعالة نفسها ، ولكنها الجانب الضعيف الذي ينحني عادة للأقوى ، في كل زمان ومكان إذا لم يكن هناك رادع ديني ... أو أخلاقي.

نزلت المرأة إلى ميدان العمل ، وعملت مع الرجل وقامت بنفس الجهد أو أكثر ، ولكن بأجر أقل من الرجل ، جهد كثير ، وأجر قليل وكرامة غير محفوظة.

وأخيراً تهاوت تحت وطأة الحاجة والعوز بنفسها وشرفها.

هذا واقع أكثر النساء الأجنبيات اللواتي تريد تقليدهن والاقتداء بهن ، المرأة المسلمة ، والزمرة التي تطالب بحرية المرأة ومساواتها بالرجل.

هذا واقع النساء المتحرزات الاوروبيات او الأجنبيات. وهذا ما دعاهن إلى شق عصا الطاعة ، والتنفيس عما يعانينه من جور وحرمان واضطهاد.

قامت النساء ، يطلبن حريتهن وحقوقهن المهضومة ورفعت الأصوات ... وزادت المطالبة بالحرية والمساواة ...

وتمَّ للمرأة ما أرادت ، ولكن هل حلَّت المساواة والحرية مشكلتها ؟

وهل حققت لها السعادة ؟؟

هل رفعتها في نظر الرجل ؟؟

هل صانت نفسها ... وشرفها ؟؟

لا ... وألف لا ... هذه صحفهم كلها تشهد وتقول : صحيح ان قانون المساواة حقق للمرأة الكسب المادي ، ولكنه سبب زيادة في الطلاق وأدى الى تفكك الروابط العائلية ، بسبب غيابها عن البيت ، وابتعادها عن أطفالها وعدم رعايتهم ، والاعتماد على دور الحضانة.

وماذا يجدي الكسب المادي ؟ إذا كان الأمن بعيداً عن البيت ؟؟

والاطمئنان مفقوداً ؟!

« اطمئنان الزوج ... الأم ... الأطفال ... »

جاء في مجلة ( شجرة الدر ) في الجزء السادس من السنة الاولى نقلاً عن جريدة ( الاسترن ميل ) بقلم الانكليزية الشهيرة ( آني رورد ) (١) « إذا اشتغلت بناتنا في البيوت خوادم او كالخوادم ، فذلك خير وأخف بلاء ، من اشتغالهن بالمعامل حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تُذهب برونق حياتها الى الابد.

ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين ، حيث الحشمة والعفاف ... والطهارة رداء الخادم ... والخادمة اللذين يتنعمان بأرغد عيش ويعاملان معاملة رب البيت ، ولا يمس عرضهما بسوء ...

نعم ، إنه عار على بلاد الانكليز أن تجعل بناتها ، مثلاً للرذائل ، لكثرة مخالطة الرجال ، فما لنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل ما يوافق فطرتها الطبيعية ، من ملازمة البيت ، وترك أعمال الرجال للرجال ، سلامة لشرفها !! » انتهى.

إن عقلاء الامم الغربية ينفرون من هذه الحال التي ضربت فيهم بجرانها ، وفينا نفر ، أضلهم الله على علم ... يريدون أن يفسدوا المرأة باسم إصلاحها ، ويهدموا حياتها وطبيعتها ، بسوء هذا الصنيع. فهم يحملون الناس ، بتزاويق الكلام ، على أن ينهجوا منهج الغربيين سالكين طريقتهم ، مقلدين في كل شيء ، حتى الضار من الاخلاق ... والعادات ... والتقاليد ... ورحم الله القائل :

فلا يفسد التقليد طيب ارثكم
    

ففي دسم الغرب اختفى ناقع السّم

ولا تقربوا منهم سوى العلم وحده
    

وعضوا على أخلاق آبائنا الشم

ولكنني أتساءل ... هل يجب علينا نحن المسلمات ، ان نحمل نفس الشعارات ... ونهتف ... وننادي بها ؟!.

هل يجب علينا تقليد الاجانب من الافرنج وغيرهم ؟ التقليد الاعمى الذي يؤدي بنا إلى الهاوية ؟

كلنا يعلم أن الاسلام أعطانا الكثير ... ولكن نحن ظالمات ، جاحدات لنعم الله سبحانه.

ما ظلم الاسلام المرأة ... ولا أجحف بحقها ، ولا أنقص من كرامتها. ولكنه رسم لها جانباً ايجابياً عظيماً في هذه الحياة. والله سبحانه وتعالى ساوى بين الرجل والمرأة بالإنسانية والجزاء ... متساويين في الخلق : قال تعالى :

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ ... )

إنكما متساويان أمام الله في الأعمال ـ الثواب ـ العقاب ...

( أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ... )

ولكن الباري سبحانه وتعالى فرق بين الرجل والمرأة في المواضع التي تقتضيها الفطرة ... والطبيعة.

فيا اختي المسلمة ... عودي الى الدين ... والى الحياء ... وصوني كرامتك وشرفك ، فليس غير الاسلام يصون نفسك ويحفظها.

تحرري من هذه النظريات والسموم ، فوالله إن المستعمر يريد استعبادنا واستثمارنا ، بعد أن يضعف ديننا ، ويصرفنا عنه بشتى الأساليب والحيل والخداع واتقي الله واستعيني به.

من استعان بغير الله في طلب
فإن ناصره عجز وخذلان