مجلة ريحانة الالكترونية

الجود والإنفاق في مدرسة أهل البيت (4)

يتبع القرآن أسلوب الترغيب واعداً بالثواب الجزيل الذي ينتظر المنفقين

، قال تعالى : ( ... وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ) (1).
أراد القرآن من المسلمين أن يرتقوا إلى مستوى أسمى من العطاء بحيث ينفقون ممَّا يُحبُّون ، ولا يقتصر الإنفاق على الأشياء الزائدة عن الحاجة وغير المرغوبة أو الرديئة الجودة ، أو تلك التي لا تميل النفس إلى الاحتفاظ بها قال تعالى : ( لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ ) (2).
وكان الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله يزرع في وعي المسلمين مفهوم السخاء السليم البعيد عن الرّياء والبذخ والإسراف ، والمرتكز على طاعة الله وفي سبيله ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ولا يسمى سخياً إلا الباذل في طاعة الله ولوجهه ، ولو كان برغيف أو شربة ماء » (3). وكان مفهوم السخاء في الجاهلية يرتكز على الأنانية والإسراف وتتحكم فيه الأهواء والمصالح الذاتية ، فصحح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا المفهوم بحيث يقوم على طاعة الله ويحقق الهدف التكافلي المطلوب منه كإطعام الطعام للجياع أو سقي الماء للعطاشىٰ ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أدّى ما افترض الله عليه فهو أسخى النّاس » (4).
وهناك أحاديث عديدة عن أهل بيت العصمة : تحث على الإنفاق ولو كان قليلاً ، وتحذر من البخل وما يتركه من آثار تدميرية على بنية المجتمع وعواقب اُخروية تطال الفرد ، منها إثارة سخط الله. قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « لا تستحِ من إعطاء القليل فإنّ الحرمان أقل منه » (5).
وعن العواقب غير المحمودة لمن بخل بالنفقة يحدثنا الإمام الباقر عليه‌السلام بقوله : « ما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يُرضي الله إلاّ ابتلى بأن ينفق أضعافها فيما أسخط الله » (6).
نستخلص مما تقدم أن في مدرسة أهل البيت : أُسساً للتكافل الاجتماعي تقوم عل هرم من المبادئ والقيم الحضارية التي تدفع الإنسان لكي يواسي إخوانه ويمدّ يد العون لهم. وهذه القيم بمثابة النجم الذي يهتدون به ويسيرون وراء خيوط الضوء المنبعثة عنه.
****************************
(1) سورة الحديد : ٥٧ / ٧.
(2) سورة آل عمران : ٣ / ٩٢.
(3) مصباح الشريعة / المنسوب للإمام الصادق عليه‌السلام : ٨٣ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ط ١ ـ ١٤٠٠ ه‍.
(4) مكارم الأخلاق / الشيخ الطبرسي : ١٣٦ ، منشوارت الشريف الرضي ، ط ٦ ـ ١٣٩٢ ه‍.
(5) نهج البلاغة ، الحكمة ٦٧.
(6) تحف العقول : ٢٩٣.

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه