مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية

عن ابن عباس : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب عليه‌السلام ؛ كانت معه أربعة دراهم

، فتصدق بواحد ليلاً وبواحد نهاراً وبواحد سراً وبواحد علانية ، قال الطبرسي : وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام (1).
وكان المؤمنون لما نزلت آيات الإنفاق على إطلاقها ينفقون كل ما يقع تحت أيديهم بحيث وصل البعض منهم إلى حالة من العسر بعد يساره بفضل روح التكافل التي راحت تتقد في داخلهم ، إذ كان نطاق الإنفاق على أوسع مدى ، فأخذ البعض منهم يسأل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عن مقدار الإنفاق وحدوده. فكان الجواب القرآني هو التالي : ( وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ... ) (2). والعفو ما زاد عن الحاجه ، فالإسلام دين يسر وسماحة لا يكلف الإنسان فوق طاقته وقدرته.
من جانب آخر سعى الإسلام إلى إزالة الحواجز النفسية التي تحول دون الإنطلاق في مسيرة الإنفاق ، وحاول طمأنة الخواطر التي تخشى من حالة الفقر إذا ما أقدمت على البذل والعطاء ، قال تعالى مُطَمْئِناً المؤمنين : ( وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) (3).
هذا الوعد بالتعويض بالدنيا ، أما في الآخرة فيظهر من قوله تعالى : ( ... وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) (4).
يقول أمير المؤمنين عليه‌السلام في هذا الصدد : « من يُعط باليد القصيرة يُعط باليد الطويلة أي ما ينفقه المرء من ماله في سبيل الخير وان كان يسيراً ، فان الله يجعل الجزاء عليه عظيما كثيرا » (5).
ودعا المؤمنين إلى التوقي من حالة الشُح في نفوسهم ، وهي حاجز نفسي يحول دون إقدامهم على البذل والعطاء ، قال عزَّ من قائل : ( ... وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (6).
************************
(1) انظر : مجمع البيان / الطبرسي ٢ : ٢٠٤ ، تفسير الآية (٢٧٤) من سورة البقرة.
(2) سورة البقرة : ٢ / ٢١٩.
(3) سورة سبا : ٣٤ / ٣٩.
(4) سورة البقرة : ٢ / ٢٧٢.
(5) تصنيف نهج البلاغة / بيضون : ٧٣١.
(6) سورة التغابن : ٦٤ / ١٦.