مجلة ريحانة الالكترونية

الإحسان وزيادة العمر

كثير من الناس يحب العمر الطويل، ويسعى دائماً لاكتسابه، بواسطة مراجعة الأطباء والحكماء، ويحاول أن يلتزم بما يصفون إليه، وغالباً ما يصرفون أموالاً طائلة لكسب هذا الهدف أو وقتاً طويلاً لهذا لمطلب.

وهذا الأمر له سابقة طويلة على مدى عمر البشر، فكان الإنسان من القرون الأولى لما سجل تاريخ الأنسان يبحث عن هذه المهمة، فملحمة جلجامش تشير إلى هذا المقصد، وكان جلجامش يبحث عن أكسير الحياة، وأراد أن يكون خالداً ولكن في آخر المطاف عرف الخلود ليس بالعمر الطويل، بل العمل هو الذي يخلده.

وهناك نصائح وأوامر وصلت إلينا من أهل البيت عليهم السلام تساعد الإنسان على أن يطول في عمره، فعن جميل ابن دارج قال: دخل رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال له: يا سيدي علت سني، ومات أقاربي، وأنا خائف أن يدركني الموت، وليس لي من آنس به وأرجع إليه، فقال له:

«إن من إخوانك المؤمنين من هو أقرب نسباً أو سبباً وأُنسُكَ بِهِ خَيرٌ مِن أُنسِكَ بِقَريبٍ، ومع هذا فعليك بالدعاء، وأن تقول عقيب كل صلاة:

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، اللَّهُمَّ إِنَّ الصَّادِقَ الأَمِينَ عليه السَّلام قَالَ: إِنَّكَ قُلْتَ مَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْ‏ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي فِي قَبْضِ رُوحِ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ لِوَلِيِّكَ الْفَرَجَ والْعَافِيَةَ والنَّصْرَ، ولا تَسُؤْنِي فِي نَفْسِي، وَلا فِي أَحَدٍ مِنْ أَحِبَّتِي.

ثم قال: إِنْ شِئْتَ أَنْ تُسَمِّيَهُمْ وَاحِداً وَاحِداً فَافْعَل، وإِنْ شِئْتَ مُتَفَرِّقِينَ، وإِنْ شِئْتَ مُجْتَمِعِينَ .

قال الرجل: والله لقد عشت حتى سَئمتُ الحياة». (1)

فهناك عوامل تساعد الإنسان على أن يزداد في عمره، ولذا من أراد ان يحصل على عمر طويل لابد عليه أن يلتزم بعدّة أمور، منها يجب عليه أن يتبع نظام غذائي متكامل بأن يأكل بمقدار ما يحتاجه بدنه، وذكرت هذه الأمور في مجالها، وقد وردت روايات كثيرة عن كيفية الغذاء وآدابه.

ولكن نحن نريد اليوم نذكر عاملاً مهماً سهل المؤونة متداول عند الجميع يجعل حياة الفرد بخير، ويصفو عيشه، وهو ما ورد عن إمامنا صادق العترة عليه السلام: «من صدق لسانه زكى عمله، ومن حسنت نيّته زيد في رزقه، ومن حسن برّه بأهل بيته مدّ له في عمره». (2)

فيشير الإمام في الرواية الشريفة بعدّة أمور تساعد الإنسان في رقي كماله، ونحن هنا نسلط الضوء على عامل يرتبط ببحثنا وهو (من حسن برّه بأهل بيته مدّ له في عمره) ومعنى برّه أي يوسَّع في الإحسان على أهله، ويصلهم بالمعروف، وأن يرفق بهم، ويحسن معاملتهم، وأن يكون أحسانه عن حب، فيكون الناتج لهذا العمل هو أن يمد الله في عمره؛ فيكون صاحب عمر طويل، مثلاً قد يدفع عنه البلاء أو المرض وكل شيء يؤثر على قصر عمره.

ــــــــــــــــــ

1ـ بحار الأنوار: ج 83، ص 8.

2ـ الكافي: ج2، ص105.

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه