مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية

العلاقة الزوجية ليست علاقة طارئة أو صداقة مرحلية ، وإنّما هي علاقة دائمة وشركة متواصلة للقيام بأعباء الحياة المادية والروحية ، وهي أساس تكوين الاُسرة التي ترفد المجتمع بجيل المستقبل ، وهي مفترق الطرق لتحقيق السعادة أو التعاسة للزوج وللزوجة وللأبناء وللمجتمع ، لذا فينبغي على الرجل أن يختار من يضمن له سعادته في الدنيا والآخرة

.

عن إبراهيم الكرخي قال : قلت لأبي عبداللّه عليه‌السلام : إنّ صاحبتي هلكت رحمها اللّه ، وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ، فقال لي : «اُنظر أين تضع نفسك ، ومن تشركه في مالك ، وتطلعه على دينك وسرّك ، فإن كنت فاعلاً فبكرا تنسب إلى الخير وحسن الخلق ، واعلم :

ألا إنّ النساء خلقن شتى
فمنهنَّ الغنيمة والغرام

ومنهنَّ الهلال إذا تجلّى
لصاحبه ومنهنَّ الظلام

فمن يظفر بصالحهنَّ يسعد
ومن يعثر فليس له انتقام

وراعى الإسلام في تعاليمه لاختيار الزوجة ، الجانب الوراثي ، والجانب الاجتماعي الذي عاشته ومدى انعكاسه على سلوكها وسيرتها.

قال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اختاروا لنطفكم ، فإنّ الخال أحد الضجيعين»

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تخيروا لنطفكم ، فإنّ العرق دسّاس»

وروي أنّه جاء إليه رجل يستأمره في النكاح ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «نعم انكح ، وعليك بذوات الدين تربت يداك»

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من سعادة المرء الزوجة الصالحة»

فيستحب اختيار المرأة المتدينة ، ذات الأصل الكريم ، والجو الاُسري السليم

وبالاضافة إلى هذه الاُسس فقد دعا الإسلام إلى اختيار المرأة التي تتحلى بصفات ذاتية من كونها ودودا ولودا ، طيبة الرائحة ، وطيبة الكلام ، موافقة ، عاملة بالمعروف إنفاذا وإمساكا

وفضّل تقديم الولود على سائر الصفات الجمالية ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تزوجوا بكرا ولودا ، ولا تزوجوا حسناء جميلة عاقرا ، فاني أُباهي بكم الاُمم يوم القيامة»

ولم يلغِ ملاحظة بعض صفات الجمال لاشباع حاجة الرجل في حبه للجمال ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا أراد أحدكم أن يتزوج ، فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها ، فان الشعر أحد الجمالين»

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تزوجوا الأبكار ، فانهنَّ أطيب شيء أفواها»

وقال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أفضل نساء أمتي أصبحهنَّ وجها ، وأقلهنَّ مهرا»

ويستحب أن تكون النية في الاختيار منصبّة على ذات الدين ، فيكون اختيارها لدينها مقدّما على اختيارها لمالها أو جمالها ، لأنَّ الدين هو العون الحقيقي للانسان في حياته المادية والروحية ، قال الامام جعفر الصادق عليه‌السلام : «إذا تزوج الرجل المرأة لمالها أو جمالها لم يرزق ذلك ، فإنّ تزوجها لدينها رزقه اللّه عزَّ وجلَّ جمالها ومالها»

ويكره اختيار المرأة الحسناء المترعرعة في محيط أُسري سيء ، والسيئة الخلق ، والعقيم ، وغير السديدة الرأي ، وغير العفيفة ، وغير العاقلة ،والمجنونة ، لأنّها تجعل الرجل في عناء مستمر تسلبه الهناء والراحة ، وتخلق الأجواء الممهّدة لانحراف الاطفال عن طريق انتقال الصفات السيئة إليهم ، ولقصورها عن التربية الصالحة.

عن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام قال : «قام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيبا ، فقال : أيُّها الناس إياكم وخضراء الدمن. قيل : يا رسول اللّه ، وما خضراء الدمن؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء»

وحذّر الإسلام من تزوج المرأة المشهورة بالزنا ، قال الإمام الصادق عليه‌السلام : «لا تتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا ، وذلك لأنّها تخلق في أبنائها الاستعداد لهذا العمل الطالح ، إضافة إلى فقدان الثقة في العلاقات بينها وبين زوجها المتدين ، إضافة إلى إنعكاسات انظار المجتمع السلبية اتجاه مثل هذه الاُسرة.

وكما نصح بتجنّب الزواج من الحمقاء لامكانية انتقال هذه الصفة إلى الاطفال ، ولعدم قدرتها على التربية ، وعلى الانسجام مع الزوج وبناء الاُسرة الهادئة والسعيدة ، قال الامام علي عليه‌السلام : «إيّاكم وتزويج الحمقاء ، فإنّ صحبتها بلاء ، وولدها ضياع»

وكذا الحال في الزواج من المجنونة ، فحينما سُئل الإمام الباقر عليه‌السلام عن ذلك أجاب : «لا ، ولكن إن كانت عنده أمة مجنونة فلا بأس أن يطأها ، ولا يطلب ولدها»