مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية

الخلق، كلمة نسمعها كثيراً عندما يوجد هناك شيء جديداً، لكن تُستخدم هذه الكلمة في محلّها الخاطيء غالباً؛ لأنّ معنى الخلق هو: إيجاد الشيء من العدم.

العائلة كيانٌ لا يخلقها الله بل جعل لها مقدّمات لتتكون، فلهذا خلق الله آدم × ثمّ من بعده حواء، وجعلهما أن يكوّنا العائلة، وقد أشار الإمام أبي عبد الله × إلى هذا المعنى في قوله:  ( إنّ آدم × ولد له شيث وأن اسمه هبة الله، وهو أوّل وصيّ أوصي إليه من الآدميين في الأرض، ثمّ ولد له بعد شيث يافث، فلمّا أدركا الله عزّ وجلّ أن يبلغ بالنسل ما ترون وأن يكون ما قد جرى به القلم من تحريم ما حرّم الله عزّ وجلّ من الأخوات على الأخوة أنزل بعد العصر في يوم خميس حوراء من الجنة اسمها نزلة، فأمر الله عزّ وجلّ آدم أن يزوّجها من شيث فزوّجها منه، ثمّ أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنّة واسمها منزلة فأمر الله عزّ وجلّ آدم أن يزوجها من يافث، فزوّجها منه، فولد لشيث غلام وولد ليافث جارية فأمر الله عزّ وجلّ آدم حين أدركا أن يزوّج ابنة يافث من ابن شيث ففعل، فولد الصفوة من النبيّين والمرسلين من نسلهما، ومعاذ الله أن يكون ذلك على ما قالوا من أمر الأخوة والأخوات ). (1)

توجد هنا نقاط يمكن الحصول عليها من خلال هذه الرواية وهي:

1- أهمية كيان الأسرة حيث جعلها الله منطلقاً لبداية الحياة البشري، وأمر بإيجادها قبل إيجاد كلّ شيء.

2- أهمية العفّة والحياء والاهتمام الخاص بالعلاقات الأسرية ضمن دائرة الأمور المُحللة التي كانت ومازالت ثابتة إلى يوم القيامة، كما قال عزّ وجلّ: { وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}. (2)

3- شيث ويافث كانا مِن أهل الأرض، ولكن كانا يحتاجا لمن يكمّلهما، فالله عزّ وجلّ أكملهما بإمرأتين من الجنّة، وهذا يبيّن مدى احترام ومقام المرأة عند الله، حيث جعل المكمّل مِن الجنّة الذي كلّه كمال.

4- كان تبليغ النسل مِن قِبل الله عزّوجلّ وهذا مُهمٌ جداً حيث يُريد الله أن يسعيا الزوجين في الإنجاب؛ لكي يتمّ به مسيرة الحياة البشري.

فالحاصل من كل هذا الكلام هو: أهمية كيان الأسرة عند الله، وأنّ الله جعل إيجاده على أعتاق البشر وباختيارهم؛ لكي لا تكون هناك حجّة على الله عندما يكون النسل صالحاً أو طالحاً.

 

(1) من لا يحضره الفقيه، ج3، ص381، ح4337.

(2) سورة الفتح: 23.