مجلة ريحانة الالكترونية

أم فروة آمنت واتّقت وأحسنت

فقد العالم الإسلامي في 25 شوال سنة 148 ق إماما ملأ الدنيا علما وفقها ـ على قول الجاحظ ـ وكان صادق آل محمد (صلّى الله عليه وآله) وسادس الأئمة الاثنى عشر وكما قال الذهبي، جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين الهاشمي أبو عبد اللّه أحد الأئمة الأعلام برّ صادق كبير الشأن، وكان من أجلَّة علماء المدينة،

وحدَّث عنه جماعة من علماء أهل السنة، منهم أبو حنيفة ومالك وغيرهما (1).
تربّى على يده علماء المذاهب وكان في المدينة ألفان نفرا يروون أحاديثه. قال مالك بن أنس إمام المالكية فيه: «وما رأتْ عَينٌ، ولا سمعت أذنٌ، ولا خَطَر على قلب بشرٍ، أفضل من جعفر بن محمّد الصادق، علماً، وعِبادة، وَوَرَعاً»
وقال أبو حنيفه إمام الحنفية فيه: «و لقد كنت آتى جعفر بن محمد و كان كثيرالمزاح و التبسم، فاذا ذكر عنده النبى(ص) اخضر و اصفر، و لقد اختلفت اليه زمانا و ما كنت اراه الا على ثلاث خصال: اما مصليا و اما صائما و اما يقراء القرآن. و ما راءيته قط يحدث عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله) الا على الطهاره و لا يتكلم فى ما لا يعنيه و كان من العلماءالزهاد الذين يخشون الله و ما رأيته قط الا يخرج الوساده من تحته و يجعلها تحتى.» (2)
والفضل ما شهدت به مخالفهيم الذين لم يقبلوا ولايتهم.
وابن زهرة، عالم ومفكر أهل السنة من مصر انتهى المقال بقوله: ما أجمع علماء الاسلام علی اختلاف طوائفهم فی أمر کما أجمعوا علی فضل الإمام الصادق و علمه. (3)

أم فروة

تولد الإمام الصادق (عليه السلام) في بيت الإمامة وكان أبوه الإمام محمد بن علي (عليه السلام) باقر العلوم بعد النبي (صلّى الله عليه وآله). لسنا هنا بصدد بيان فضائل أبيه فهي أظهر من الشمس في رابعة النهار ونشير هنا إلى فضائل أمه العالمة والمحدثة وهي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر المكنّاة بأم فروة أو أم القاسم  وقد كانت (عليها السلام) من الصالحات القانتات، ومن أتقى نساء أهل زمانها. قال الإمام الصادق(عليه السلام) في حقها: «وكانت اُمّي ممّن آمنت واتّقت وأحسنت والله يحب المحسنين» (4) انما وصف الإمام (عليه السلام) أمه الجليلة من خلال هذه العبارة بجميع الأوصاف الشريفة كما اكتفى أمير المؤمنين (عليه السلام) في جواب همّام لما سأله عن صفات المتقين بقوله: (اِتَّقِ اللّهَ وَ اَحْسِنْ فَاِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقوْا وَالَّذينَ هُمْ مُحْسِنوُنَ) (5)

عالمة علوم أهل البيت

جمعت هذه المخدرة بين العلم والعمل فانها كانت عالمة بعلوم أهل البيت (عليهم السلام) وقال أبو الحسن الكاظم (عليه السلام): «كان أبي (عليه السلام) يبعث أمي وأم فروة تقضيان حقوق أهل المدينة» (6)
روى الكليني في الكافي: رأيت اُمّ فروة تطوف بالكعبة عليها كساء متنكّرة، فاستلمت الحجر بيدها اليسرى، فقال لها رجل ممّن يطوف: يا أمة الله أخطأت السُنّة. فقالت: إنّا لأغنياء عن علمك.(7) فالظاهر أن الرجل كان من فقهاء العامة وكيف لا تكون غنية عن فقه العامّة وكان بعلها باقر علوم الأولين والآخرين (عليه السلام) وأبو زوجها الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) وابنها جعفر بن محمد الصادق الأمين (عليه السلام) وكان أبوها، القاسم من ثقاة أصحاب الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) وأحد فقهاء السبعة في المدينة. وكان جدّها محمد بن أبي بكر، من خلّص شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) وحواريه، وقد ولاه الإمام (عليه السلام) مصر وكتب إليه عهداً ووردت في فضله روايات عديدة منها: في الاحتجاج بالإسناد إلى أبي محمد العسكري (عليه السلام) قال: «قدم جماعة فاستأذنوا على الرضا (عليه السلام) وقالوا: نحن من شيعة علي، فمنعهم أياما، ثم لما دخلوا قال لهم: ويحكم إنما شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام): الحسن والحسين وسلمان وأبوذر والمقداد وعمار ومحمد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئاً من أوامره» قتله معاوية بمصر، وقد ترحم أمير المؤمنين(عليه السلام) وقال في حقه: انّه شهيد حيّ مرزوق (8)

محدثة وراوية
كانت ام فروة في كمال الجلال والكرامة حتى كان يعبّر عن الامام الصادق (عليه السلام) بابن المكرمة(9). وقد روت هذه السيدة الجليلة عن أهل البيت (عليهم السلام)روايات عديدة، منها ما روته عن الإمام السجّاد (عليه السلام) حيث قال لها: «يا اُمّ فروة إني لأدعو الله لمذنبي شيعتنا في اليوم والليلة ألف مرة، لأنّا نحن فيما ينوبنا من الرزايا نصبر على ما نعلم من الثواب، وهم يصبرون على ما لا يعلمون»(10)
عاشت سعيدة وماتت سعيدة.
ـــــــــــــ
1.    ميزان الاعتدال، ج1، ص192
2.    ابن تيميه، التوسل و الوسيله، ص 52
3.    الامام الصادق عليه السّلام، ص 66
4.    الكافي: ج1 ص473 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) ح1.
5.    نهج البلاغة، خطبة المتقين.
6.    الكافي: ج3 ص217 باب ما يجب على الجيران لأهل المصيبة واتخاذ المأتم ح5.
7.    الكافي: ج4 ص428 باب نوادر الطواف ح6.
8.    الإرشاد: ج2 ص393 خبر وفاة أبي بكر ومعاذ بن جبل.
9.    منتهى الآمال، الشيخ عباس القمي.
10.    الكافي: ج1 ص473 باب مولد أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليه السلام) ح1.

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه