مجلة ريحانة الالكترونية

(3) عناية الإسلام بالجانب التربوي بين الزوجـين

ز ـ الخدمة المتبادلة :
فمن المؤكد أن الإسلام يدعو المسلمين إلى إسداء

الخدمة ومدّ يد العون لبعضهم البعض ، فعن أبي المعتمر قال : سمعتُ أمير المؤمنين عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أيّما مسلم خدم قوماً من المسلمين إلاّ أعطاه الله مثل عددهم خدَّاماً في الجنّة » (2).
وإلى جانب هذا التوجه العام ، فإنه يدعو الزوجين إلى خدمة بعضهما البعض بما يعود بالنفع عليهما وعلى عموم أفراد العائلة ويرتب على هذه الخدمة مهما كانت بسيطة الثواب العظيم ، فعن ورّام بن أبي فراس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أيّما امرأة خدمت زوجها سبعة أيّام ، أغلق الله عنها سبعة أبواب النّار وفتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أيّها شاءت ». وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلاّ كان خيراً لها من عبادة سنة .. » (3).
وتعتبر فاطمة الزهراء عليها السلام القدوة الحسنة في التوفر على خدمة الزوج وأداء حقوقه ، فعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرَّ بها الإمام علي عليه السلام فان فاطمة عليها السلام وقفت إلى جانبه ، ولم تكلفه فوق طاقته ، وكانت تخدمه باخلاص ، وقد شهد بحقها واعترف بخدمتها فقال عليه السلام : « لقد تزوجت فاطمة ومالي ولها فراش غير جلد كبش ، كنّا ننام عليه باللّيل ، ونعلف عليه النّاقة بالنهار ، ومالي خادم غيرها » (1).
هذا فضلاً عن أن تعاليم الإسلام تحثُّ الرجل على خدمة امرأته وعياله ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « إذا سقى الرجل امرأته أُجر » (2) ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنَّ الرجل ليؤجر في رفع اللقمة إلى في امرأته » (3) ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « .. لا يخدم العيال إلاّ صدّيق أو شهيد أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة » (4).
ح ـ الرّضا والموافقة :
فقد وردت روايات عديدة تحثُّ الزوجين على كسب رضا أحدهما للآخر والحصول على موافقته ، وفي هذا الصدد يقدّم الإمام الصادق عليه السلام توصياته التربوية القيمة لكلٍّ من الزوجين والتي تتضمن الإشارة إلى الأساليب التي يجب أن يتبعها كل واحد منهما لكسب رضا وموافقة شريكه ، قال عليه السلام : « لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته ، وهي : الموافقة ليجلب بها موافقتها ومحبّتها وهواها ، وحسن خلقه معها ، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها وتوسعته عليها. ولا غنى بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال ، وهنَّ : صيانة نفسها عن كُلِّ دنسٍ حتى يطمئن قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب والمكروه ، وحياطته ليكون ذلك عاطفاً عليها عن زلَّة تكون منها ، وإظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه » (1).
والملاحظ أن الروايات تؤكد على ضرورة ارضاء المرأة لزوجها وعدم إثارة سخطه ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « ويل لامرأة أغضبت زوجها ، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها » (2).
ط ـ الاهتمام بالهيئة :
وهما من العوامل التي تساهم في توثيق الروابط الزوجية وتساعد على استمرارها.
فقد ورد في توصيات أمير المؤمنين عليه السلام : « لتتطيب المرأة لزوجها » (3) ، وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام : « لا ينبغي للمرأة أن تعطّر نفسها ، ولو أن تعلّق في عنقها قلادة » (4).
وهنا لابدّ من التنويه على أن زينة المرأة المتزوجة لابدّ أن تقتصر على زوجها ، فعن الإمام أبي عبدالله عليه السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أيّ امرأة تتطيّب ثمَّ خرجت من بيتها ، فهي تُلعن حتى ترجع إلى بيتها متى رجعت » (5).
من جانب آخر يتوجب على الزوج أن يهتم بنظافته ومظهره حتى يحوز على رضا الزوجة ويدخل البهجة إلى نفسها ، خصوصا وأنّ انحراف الزوجة قد تقع تبعاته على الزوج ، نتيجة لعدم اهتمامه بنظافته ومظهره ، وقد أورد لنا الإمام الرضا عليه السلام سابقة تاريخية في هذا الخصوص ، عندما قال : « أخبرني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام أن نساء بني إسرائيل خرجن من العفاف إلى الفجور ، ما أخرجهن إلاّ قلّة تهيئة أزواجهن ، وقل : إنّها تشتهي منك مثل الذي تشتهي منها » (1).
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتهيأ لنسائه ويهتم بمظهره ويتطيّب : « وكان يُعرف بالرّيح الطيب إذا أقبل » (2) ، وسلك أهل البيت عليهم السلام ذات المسلك النبوي ، فكانوا يهتمون بمظهرهم ويتهيّؤن لنسائهم ، عن الحسن بن الجهم ، قال : رأيت أبا الحسن عليه السلام اختضب ، فقلت : جعلت فداك اختضبت؟ فقال : « نعم ، إنَّ التهيئة ممّا يزيد في عفّة النساء ، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهنَّ التهيئة ».
ثم قال : « أيسرّك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلتُ : لا ، قال : فهو ذاك .. » (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) اُصول الكافي 2 ، 207 / 1 باب في خدمة المؤمن من كتاب الإيمان والكفر.
2) وسائل الشيعة 14 : 123 / 2 باب استحباب خدمة الزوجة لزوجها من كتاب النكاح.
3) تنبيه الخواطر 2 : 12.
4) كنز العمال 16 : 275 / 44435.
5) المحجّة البيضاء 3 : 70 كتاب آداب النكاح ، الفائدة الخامسة.
6) بحار الأنوار 104 : 132 باب فضل خدمة العيال ، عن جامع الأخبار : 102.
7) تحف العقول : 323 حديث الإمام الصادق عليه السلام المعروف بـ « نثر الدرر ». والخلابة : الملاطفة باللسان.
8) بحار الأنوار 103 : 246 عن جامع الاخبار : 158.
9) تحف العقول : 111 من وصايا أمير المؤمنين عليه السلام.
10) مكارم الأخلاق : 98.
11) ثواب الأعمال وعقاب الاعمال ، للصدوق : 308 باب عقاب المرأة تتطيب لغير زوجها
12) مكارم الأخلاق : 81.
13) مكارم الأخلاق : 23.
14) وسائل الشيعة 14 : 183 / 1 باب 141 استحباب التنظيف والزينة.

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه