مجلة ريحانة الالكترونية

مظلومية الزهراء عليها السلام في غصب حقوقها "فدك مثالاً"

إننا نعتقد بأن تكذيب الزهراء (عليها السلام) من أعظم

المصائب، ينقل عن بعض كبار فقهائنا أن أحد الخطباء في أيام مصيبة الحسين (عليه السلام) قرأ جملة: دخلت زينب على ابن زياد وأراد أن يشرح ذلك الموقف، فأشار إليه الفقيه الكبيرالحاضر في المجلس بالصبر وبالتوقف عن قراءة بقية الرواية، قال: لأنا نريد أن نؤدي حق هذه الجملة: دخلت زينب على ابن زياد وهذه مصيبة، وما أعظمها!! دخلت زينب على ابن زياد!! مجرد تكذيب الزهراء سلام الله عليها وعدم قبول قولها مصيبة ما أعظمها، ليست القضية قضية فدك، ليست المسألة مسألة أرض وملك، إنما القضية ظلم الزهراء سلام الله عليها وتضييع حقها، وعدم إكرامها، وإيذائها وإغضابها وتكذيبها، ولاحظوا خلاصة القضية أنقلها كما في المصادر المهمة المعتبرة:

أولا: لقد كانت فدك ملكا للزهراء في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن رسول الله أعطى فاطمة فدكا، فكانت فدك عطية من رسول الله لفاطمة. وهذا الأمر موجود في كتب الفريقين.

أما من أهل السنة: فقد أخرج البزار وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت الآية

(وآت ذا القربى حقه) دعا رسول الله (صلى الله عليه (وآله) وسلم) فاطمة فأعطاها فدكا.

وهذا الحديث أيضا مروي عن ابن عباس. تجدون هذا الحديث عن هؤلاء الكبار وأعاظم المحدثين في الدر المنثور (1).

ومن رواته أيضا: الحاكم، والطبراني، وابن النجار، والهيثمي، والذهبي، والسيوطي، والمتقي وغيرهم. ومن رواته: ابن أبي حاتم، حيث يروي هذا الخبر في تفسيره، ذلك التفسير الذي نص ابن تيمية في منهاج السنة على أنه خال من الموضوعات، تفسير ابن أبي حاتم في نظر ابن تيمية خال من الموضوعات، فهؤلاء عدة من رواة هذا الخبر. وقد أقر بكون فدك ملكا للزهراء في حياة رسول الله، وأن فدكا كانت عطية منه (صلى الله عليه وآله) للزهراء البتول، غير واحد من أعلام العلماء، ونصوا على هذا المطلب، منهم: سعد الدين التفتازاني، ومنهم ابن حجر المكي في الصواعق، يقول صاحب الصواعق: إن أبا بكر انتزع من فاطمة فدكا (2).

فكانت فدك بيد الزهراء وانتزعها أبو بكر. فلماذا انتزعها؟ وبأي وجه؟ لنفرض أن أبا بكر كان جاهلا بأن الرسول أعطاها وملكها ووهبها فدكا، فهلا كان عليه أن يسألها قبل الانتزاع منها؟

وثانيا: لو كان أبو بكر جاهلا بكون فدك ملكا لها، فهل كان يجوز له أن يطالبها بالبينة على كونها مالكة لفدك؟ إن هذا خلاف القاعدة، وعلى فرض أنه كان له الحق في أن يطالبها البينة على كونها مالكة لفدك، فقد شهد أمير المؤمنين سلام الله عليه، ولماذا لم تقبل شهادة أمير المؤمنين؟ قالوا: كان من اجتهاده عدم كفاية الشاهد الواحد وإن علم صدقه! لاحظوا كتبهم، فهم عندما يريدون أن يدافعوا عن أبي بكر يقولون: لعله كان من اجتهاده عدم قبول الشاهد الواحد وإن كان يعلم بصدق هذا الشاهد (3).

نقول: لكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل شهادة الواحد - وهو خزيمة ذو الشهادتين - وخبره موجود في كتب الفريقين، بل إنه (صلى الله عليه وآله) قضى بشاهد واحد فقط في قضية وكان الشاهد الواحد عبد الله بن عمر،وهذا الخبر موجود في صحيح البخاري وإنه في جامع الأصول لابن الأثير: قضى بشهادة واحد وهو عبد الله بن عمر (4). أكان علي في نظر أبي بكر أقل من عبد الله بن عمر في نظر النبي؟

وثالثا: لو سلمنا حصول الشك لأبي بكر، وفرضنا أن أبا بكر كان في شك من شهادة علي، فهلا طلب من فاطمة أن تحلف؟ فهلا طلب منها اليمين فتكون شهادة مع يمين؟ وقد قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشاهد ويمين.

راجعوا صحيح مسلم في كتاب الأقضية (5)، وراجعوا صحيح أبي داود (6) بل القضاء بشاهد ويمين هو الذي نزل به جبريل على النبي، كما في كتاب الخلافة من كنز العمال. وهنا يقول صاحب المواقف وشارحها: لعله لم ير الحكم بشاهد ويمين (7).

نقول: فكان عليه حينئذ أن يحلف هو، ولماذا لم يحلف والزهراء ما زالت مطالبة بملكها؟ وهذا كله بغض النظر عن عصمة الزهراء (عليها السلام)، بغض النظر عن عصمة علي (عليه السلام)، لو أردنا أن ننظر إلى القضية كقضية حقوقية يجب أن تطبق عليها القواعد المقررة في كتاب الأقضية.

وأيضا، فقد شهد للزهراء ولداها الحسن والحسين، وشهد للزهراء أيضا أم أيمن، ورسول الله يشهد بأنها من أهل الجنة، كما في ترجمتها من كتاب الطبقات لابن سعد وفي الإصابة لابن حجر (8). ثم نقول: سلمنا، إن فاطمة وأهل البيت غير معصومين، وسلمنا أن فدكا لم تكن بيد الزهراء سلام الله عليها في حياة النبي، فلا ريب أن الزهراء من جملة الصحابة الكرام، أليس كذلك؟! تنزلنا عن كونها بضعة رسول الله، تنزلنا عن كونها معصومة، لا إشكال في أنها من الصحابة، وقد كان لأحد الصحابة قضية مشابهة تماما لقضية الزهراء، وقد رتب أبو بكر الأثر على قول ذلك الصحابي وصدقه في دعواه. هذا كله بعد التنزل عن عصمتها، عن شهادة علي والحسنين وأم أيمن، وبعد التنزل عن كون فدك ملكا لها في حياة النبي.

مظلومية فاطمة الزهراء عليها السلام – السيد علي الميلاني

اعداد: قيس العامري - مع التصرف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 4 / 177. (2) منهاج السنة 7 / 13

(2) الصواعق المحرقة: 31

(3) شرح المواقف 8 / 356.

(4) جامع الأصول 10 / 557.

(5) صحيح مسلم 5 / 128.

(6) صحيح أبي داود 3 / 419

(7) شرح المواقف 8 / 356.

  (8) الإصابة في معرفة الصحابة 4 / 432

رابط الموضوع

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه