مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية
كانت قريش ترسل أبناءها إلى قبائل البادية المحيطة بمكة، كقبيلة بني سعد بن بكر؛ لإرضاعهم لِما اشتهرت به تلك القبائل من صفاء اللسان ونقاء اللغة، فُعرض صلى الله عليه وآله على حليمة السعدية، فتسلمته، ونشأ في بادية بني سعد، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله: «أَنَا أَفْصَحُ مَنْ نَطَقَ بِالضَّادِ؛ بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ، واسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدٍ».(1) وعلى هذا الأساس قد كان إرسال الأطفال إلى البادية للرضاع، من عادة أشراف مكة، حيث يرون أنّ بذلك ينشأ أطفالهم؛ لأنهم أصح لساناً، وأقوى جناناً، وأصفى فكراً وقريحة.(2)
بدء رضاع رسول الله صلى الله عليه وآله عند حليمة السعدية في اليوم الثامن والعشرين من جمادى الآخرة حيث سلَّم سيّد مكّة وقريش عبد المطّلب بن هاشم نور عينه محمّداً صلى الله عليه وآله إلى حليمة السعدية لترضعه، وذلك بعد ما طاف به في الكعبة المقدّسة.(3)
منزلتها عند النبي صلى الله عليه وآله
ذكر التاريخ وباتفاق جميع المسلمين إنّ إرضاعها النبي صلى الله عليه وآله هو من فضل الله عليها، وقد حصلت على الخير والبركة بمقدمه عليها؛ لقيامها برعاية شؤونه وكفالته والعناية به. فقد جاء في الأخبار أنّه استأذنت امرأة النبي صلى الله عليه وآله قد كانت قد أرضعته، فلما دخلت عليه قال: أمي أمي، وعمد إلى رداءه وبسطه لها، فقعدت عليه. وأنّ حليمة بنت عبد الله مرضعة النبي صلى الله عليه وآله جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بعدما تزوج خديجة، فبسط لها رداءه، فتشكّت جَدبَ البلاد وهلاك الماشية، فكلم رسول الله صلى الله عليه وآله خديجة عليها السلام فيها فأعطتها أربعين شاة وبعير واحد، وانصرفت إلى أهلها(4)، وجاءت إليه يوم حُنين فقام إليها وبسط لها رداءه، فجلست عليه. ولما علم بوفاة مرضعته حليمة السعدية ذرفت عينا رسول اللّه (ص) عليها.(5)
مقام حليمة السعدية
ان الله أوحى إلى النبي صلى الله عليه وآله: «إني حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك وأهل بيت آووك، فالصلب عبد الله والبطن آمنة بنت وهب، والحجر الذي كفله فاطمة بنت أسد، وأهل بيت الذي آووه فأبو طالب. وفي رواية وثدي أرضعتك، حلمية بنت أبي ذؤيب»(6).
فقرن حليمة مع وابو طالب وعبد الله وآمنة بنت وهب وفاطمة بنت اسد دليل على عظم شأنها، ولا يخفى أنّ الشفاعة تكون يوم القيامة لأُمور، منها لرفع الدرجات، وشفاعته صلى الله عليه وآله يوم القيامة لهؤلاء ليكونوا معه وفي درجته.
 

1ـ أعيان الشيعة: ج 1، ص 219.
2ـ الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص): ج 2، ص 147.
3ـ تقويم الشيعة: ص 225؛ وقائع الشهور: ص 113.
4ـ الطبقات الكبرى: ج 1، ص 93.
5ـ موسوعة التاريخ الإسلامي، ج 3 ص 295.
6ـ مستدرك سفينة البحار: ج 8، ص 256.