مجلة ريحانة الالكترونية

ما هي حدود الاستمتاعات الجنسية المسموح بها بين الزوجين ؟

حماية الزوجين من الانحراف هدف أساسي

لقد حرص الإسلام على أن يكون البيت الإسلامي الذي رغَّبَ في تأسيسه حصناً

منيعاً يحمي الزوجين من الإنحرافات الخُلقية و المفاسد الأخلاقية ، و أن يكون بيتاً تتوفَّر فيه كل ما تتطلبه الحياة الهادئة و الآمنة و السعيدة من الأجواء التي تُمَكِّن الرجل و المرأة من القيام بدورهما و أداء مسؤولياتهما .
لهذا فإننا نجد أن الله عَزَّ و جَلَّ قد وضع القوانين الحكيمة و سَنَّ السُنن القويمة الكفيلة بإسعاد الزوجين و تسهيل بلوغهما الى الأهداف المبتغاة من تأسيس الأسرة .
حدود الاستمتاعات بين الزوجين

لكي تتحقق أهداف الزواج و الأسرة ، فان الاستمتاعات الزوجية لا بد و أن تكون محدودة بحدود تتماشى مع أهداف الزواج في الاسلام و تكون بحيث تضمن سلامة الزوجين و كذلك العلاقة الزوجية و الأسرة من جميع الجهات .
هذا و قد ذكرنا في إجاباتنا السابقة جملة من آداب الزواج و سُننه في الشريعة الإسلامية ، و هنا لا بد لنا من بيان حدود الاستمتاعات الجنسية بين الزوجين من جميع الجهات و لو بصورة مختصرة جداً .
لقد سمح الدين الاسلامي للزوجين بالاستلذاذ و الاستمتاع المتقابل جنسياً بينهما ضمن حدود الشريعة الاسلامية ، أي ما لم تتجاوز الاستمتاعات حدود المعاشرة بالمعروف ، و ما لم تتضمن محرماً من المحرمات ، أو تتسبب في ترك واجب من الواجبات ، فللزوجين أن يتلذذا من بعضهما متى شاءا و كيفما شاءا ، فهي جائزة بكل أشكالها نظراً و لمساً و تقبيلاً و مصاً و ما إليها من أنواع الإستمتاعات المتصورة .
ما لا يجوز من الاستمتاعات للزوجين

مستثنيات الاستمتاعات الجنسية بين الزوجين هي ما يلي :
1 - لا يجوز الجماع خلال فترة الحيض و النفاس .
2 - لا يجوز للزوجين ـ و كذا لغيرهما ـ حال الاحرام ممارسة الأمور الجنسية ، وطياً أو إستمناءً أو تقبيلاً أو لمساً أو النظر بشهوة و تلذذ .
3 _ يشترط أن تكون الاستمتاعات بين الزوجين غير ضارة و غير مؤذية لأي منهما ، كما إذا تلذذ أحد الزوجين من قَرص أو عَض أو ضرب الطرف الآخر ، و يجوز كل ذلك برضاهما .
4 - يجوز لهما الإستعانة بأعضاء البدن في إثارة الطرف الآخر جنسياً و إفراغ شهوته ، لكن لا تجوز الاستعانة بأجسام خارجية بإدخالها في الفرج أو الدبر ( الشرج ) .
5 - لا يجوز لأي منهما بلع المادة المنوية لكونها نجسة .
6 _ لا يجوز للزوج إكراه زوجته على مجامعتها في الدبر ، و لها أن لا تستجيب له .
7 _ لا يجوز للزوج إكراه زوجته على الجماع حال كونها مريضة بحيث لا تطيق ممارسة الجنس ، أو تكون العملية الجنسية مضرة بالنسبة لها ، و لها أن تمتنع مما يضر بها .
حكم الجماع في الدبر

خصص الله عز و جل مسلكاً خاصاً للعملية الجنسية تتوفر فيه كل المواصفات الكفيلة بإيصال الزوجين الى ذروة المتعة الجنسية و هو الفرج ( المهبل ) ، و جعل الله جل جلاله أحكاماً للإتصال الجنسي ، كما و سنن آداباً للاستمتاعات الزوجية ، و نحن نؤمن بأن الأزواج الملتزمين بهذه القوانين و السنن يضمنون لأنفسهم سلامة معاشرتهم الجنسية الى جانب حصولهم على أعلى درجات المتعة الجنسية السليمة ، و يجنِّبون أنفسهم سلبيات و أضرار السلوك الجنسي الخاطيء .
و أما من حيث الحكم الشرعي فان آراء الفقهاء تختلف في حكم إتيان الزوجة من الدبر من حيث الحرمة و الكراهة ، و الكراهة الشديدة ، لكن المشهور بين فقهاء الشيعة الإمامية جواز ذلك بشرط رضا الزوجة ، و لكن على كراهة ، بل على كراهة شديدة ، كل ذلك إعتماداً على الأحاديث الشريفة التي يستنبطون الأحكام الفقهية منها حسب القواعد الفقهية و الأصولية .
الفرق بين جماع الزوجة في الدبر و اللواط

ينبغي التنبيه هنا على أنه من الخطأ الفاحش عَدُّ هذا النوع من الممارسة لواطاً و من أعمال قوم لوط ، و هو نوع من المغالطة ، و ذلك لأن اللواط هو الإتصال الجنسي بين ذكرين لا بين ذكر و أنثى كما هو واضح ، كما لا تسمى ممارسة الجنس بين أنثيين زناً و لا لواطاً ، و إنما تُسمى سحاقاً .
ثم أن قوم لوط كما أشرنا كانوا يأتون الرجال في أدبارهم و ليس النساء ، و يدل على ذلك قول الله عز و جل في القرآن الكريم
حكاية عن النبي لوط ( عليه السلام ) : ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾ 1
و من الخطأ أيضاً أن يتصور بأن المقصود من قول الله عز و جل : ﴿ ... فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ... ﴾ 2 حرمة إتيان النساء من الدبر ، بل المقصود منه من حيث أمركم الله تجَنُّبه في حال الحيض و هو الفرج ، و يظهر هذا المعنى بملاحظة الآية بكاملها التي تتحدث عن إعتزال النساء حال الحيض .
قال الله عز و جل : ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ 3
قال المفسر الكبير العلامة الطبرسي ( رحمه الله ) في تفسير هذه الآية : ﴿ ... فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ... ﴾ 2 معناه من حيث امركم الله تجنّبه في حال الحيض و هو الفرج ، عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و الربيع .
و قيل : من قِبَل الطُهر دون الحيض ، عن السدي و الضحاك .
و قيل : من قبل النكاح دون الفجور ، عن ابن الحنفية ، و الأول أليق بالظاهر .
قال الزجاج : معناه من الجهات التي تحل فيها أن تقرب المرأة ، و لا تقربوهن من حيث لا يحب ، أي لا تقربوهن و هن صائمات أو محرمات أو معتكفات .
و قال الفراء : و لو أراد الفرج لقال في حيث ، فلما من حيث علمنا أنه أراد من الجهة التي أمركم الله بها 4 .
هذا مضافاً إلى ما يُستدل بقول الله عز و جل حكاية عن النبي لوط ( عليه السلام ) : ﴿ ... قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ... ﴾ 5 ، حيث أن لوطاً ( عليه السلام ) عرض عليهم بناته و هو يعلم أنهم لا يريدون الفروج .
حكم الجنس الفمي

معاشرة الزوجة من طريق الفم و انزال المني في فمها ممارسة خاطئة و مستقبحة ينبغي اجتنابها و الترفع عنها ، و هذه الممارسة إن لم تكن برضا الزوجة فهي محرمة ، كما و يحرم ابتلاع شيء من المني لنجاسته ، و أما اذا كانت هذه الممارسة برضا منها و لم تتسبب في ابتلاع المني فهو عمل مستقبح رغم جوازه ، و ينبغي للمؤمنين اجتناب مثل هذه الأمور ، حيث أنها من الممارسات الخاطئة التي قد تصنَّف ضمن الشذوذ الجنسي .
هذا و للاستماعات الزوجية آداب و مستحبات و مكروهات ينبغي للإنسان المؤمن معرفتها و الالتزام بها لما فيها من آثار مهمة صحية و اجتماعية و معنوية .

    1. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 80 و 81 ، الصفحة : 160 .
    2. a. b. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 222 ، الصفحة : 35 .
    3. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 222 ، الصفحة : 35 .
    4. مجمع البيان : 1و 2 / 563 .
    5. القران الكريم : سورة هود ( 11 ) ، الآية : 78 ، الصفحة : 230

رابط الموضوع

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه