مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية

أمر اللعين يزيد بن معاوية أن تُسكن السبايا في خربة من خربات الشام، وفي ليلة من الليالي استيقظت  السيدة رقية بنت الحسين سلام الله عليها فزعة من نومها، وقالت: أين أبي الحسين؟ فإنّي رأيته الساعة في المنام مضطرباً شديداً، فلمّا سمعن النساء بكين، وبكى معهنّ سائر الأطفال، وارتفع العويل والبكاء.

انتبه يزيد لعنه الله من نومه، وقال: ما الخبر؟ فأخبروه بالواقعة، فأمر أن يأتوا برأس أبيها ويقدموه لها، فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطّىً بمنديل، فوضِع بين يديها، (1) فلمّا كشفت الغطاء رأت الرأس الشريف، ونادت: «يا أبتاهُ مَن الذي خضّبك بدمائِكَ؟ يا أبتاهُ مَن الذي قطع وريدك؟ يا أبتاهُ مَن الذي أيتمني على صغرِ سنّي؟ يا أبتاه مَن بقيَ بعدكَ نرجوهُ؟ يا أبتاهُ مَن لليتيمةِ حتّى تكبر؟ يا أبتاه من للنساء الحاسرات والأرامل المسبيّات؟ يا أبتاه ليتني لك الفداء، يا أبتاه ليتني قبل هذا اليوم عميا». (2)

ثمّ إنّها وضعت فمها على فمه الشريف، وبكت بكاءً شديداً حتّى غشي عليها، فلمّا حرّكوها وجدوها قد فارقت روحها الحياة، فعلى البكاء والنحيب من الخربة، وجددت العزاء بموتها، فلم يُرَ ذلك اليوم إلاّ باكٍ وباكية.

وفاتها

تُوفّيت سلام الله عليها في 5 صفر 61 للهجرة بالعاصمة دمشق، ودُفنت بقرب المسجد الأُموي، وقبرها معروف يُزار.

من أقوال الشعراء فيها

1ـ قال الشاعر سيف بن عميرة النخعي الكوفي من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام:

وعبدُكم سيف بن عميرة ** لعبد عبيد حيدر قنبر

وسُكينة عنها السَكينة فارقت  **  لما ابتديت بفرقة وتغيّر

ورقيةُ رقَّ الحسودُ لضعفِها  **  وغدا ليعذرها الذي لم يعذر

ولأُمِّ كلثوم يجد جديدها  **  لئمّ عقيب دموعها لم يكرّر

لم أنسها سُكينة ورقية  **  يبكينه بتحسّر وتزفّر (3)

فكان يذكرونها الشعراء والشيعة في تلك الأيام، وينصبون العزاء على مظلومية الإمام الحسين عليه السلام ومظلومية أهل بيته عليهم السلام، ويذكرون ما جرى على النساء وخصوصاً مصيبة السيدة رقية سلام الله عليها حيث بقيت هناك في الشام؛ لكي تذكّر جميع العالم بما حدث في الشام من ظلم وارتكاب جريمة شنيعة بحق أهل البيت عليهم السلام.

ـــ

1ـ كامل البهايي: ج 2، ص 236.

2ـ ثمرات الأعواد: ج 2، ص 49.

3ـ تقويم الشيعة: ص 82.