مجلة ريحانة الالكترونية

كيفية الصلاة بتفاصيل الإمام الصادق عليه السلام

أتشرف أن أنقل لإخواني المؤمنين حديثاً من عيون أحاديثنا يُبيّن فيه إمامنا الصادق عليه السلام كل شيء حول الصلاة.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَوْماً يَا حَمَّادُ تُحْسِنُ أَنْ تُصَلِّيَ قَالَ، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي! أَنَا أَحْفَظُ كِتَابَ حَرِيزٍ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: لَا عَلَيْكَ يَا حَمَّادُ!(1) قُمْ، فَصَلِّ. قَالَ: فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَوَجِّهاً إِلَى الْقِبْلَةِ، فَاسْتَفْتَحْتُ الصَّلَاةَ، فَرَكَعْتُ، وَسَجَدْتُ فَقَالَ: يَا حَمَّادُ! لَا تُحْسِنُ أَنْ تُصَلِّيَ مَا أَقْبَحَ بِالرَّجُلِ مِنْكُمْ يَأْتِي عَلَيْهِ سِتُّونَ سَنَةً أَوْ سَبْعُونَ سَنَةً، فَلَا يُقِيمُ صَلَاةً وَاحِدَةً بِحُدُودِهَا تَامَّةً! قَالَ حَمَّادٌ: فَأَصَابَنِي فِي نَفْسِي الذُلُّ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَعَلِّمْنِي الصَّلَاةَ، فَقَامَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُنْتَصِباً، فَأَرْسَلَ يَدَيْهِ جَمِيعاً عَلَى فَخِذَيْهِ قَدْ ضَمَّ أَصَابِعَهُ، وَقَرَّبَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ حَتَّى كَانَ بَيْنَهُمَا قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مُنْفَرِجَاتٍ، وَاسْتَقْبَلَ بِأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ جَمِيعاً الْقِبْلَةَ لَمْ يُحَرِّفْهُمَا عَنِ الْقِبْلَةِ، وَقَالَ بِخُشُوعٍ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَرَأَ الْحَمْدَ بِتَرْتِيلٍ(2) وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، ثُمَّ صَبَرَ هُنَيَّةً(3) بِقَدْرِ مَا يَتَنَفَّسُ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حِيَالَ وَجْهِهِ، وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ رَكَعَ، وَمَلَأَ كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مُنْفَرِجَاتٍ، وَرَدَّ رُكْبَتَيْهِ إِلَى خَلْفِهِ حَتَّى اسْتَوَى ظَهْرُهُ حَتَّى لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءٍ أَوْ دُهْنٍ لَمْ تَزُلْ لِاسْتِوَاءِ ظَهْرِهِ، وَمَدَّ عُنُقَهُ، وَغَمَّضَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ سَبَّحَ ثَلَاثاً بِتَرْتِيلٍ، فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، ثُمَّ اسْتَوَى قَائِماً فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنَ الْقِيَامِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ كَبَّرَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ حِيَالَ وَجْهِهِ، ثُمَّ سَجَدَ، وَبَسَطَ كَفَّيْهِ مَضْمُومَتَيِ الْأَصَابِعِ بَيْنَ يَدَيْ رُكْبَتَيْهِ حِيَالَ وَجْهِهِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَمْ يَضَعْ شَيْئاً مِنْ جَسَدِهِ عَلَى شَيْ‌ءٍ مِنْهُ، وَسَجَدَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَعْظُمٍ الْكَفَّيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَنَامِلِ إِبْهَامَيِ الرِّجْلَيْنِ وَالْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ، وَقَالَ: سَبْعَةٌ مِنْهَا فَرْضٌ يُسْجَدُ عَلَيْهَا وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ‌، وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً،(4) وَهِيَ: الْجَبْهَةُ، وَالْكَفَّانِ، وَالرُّكْبَتَانِ، وَالْإِبْهَامَانِ، وَوَضْعُ الْأَنْفِ عَلَى الْأَرْضِ سُنَّةٌ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، فَلَمَّا اسْتَوَى جَالِساً قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَعَدَ عَلَى فَخِذِهِ الْأَيْسَرِ، وَقَدْ وَضَعَ ظَاهِرَ قَدَمِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ الْأَيْسَرِ، وَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّي وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ، وَهُوَ جَالِسٌ، وَسَجَدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، وَقَالَ كَمَا قَالَ فِي الْأُولَى، وَلَمْ يَضَعْ شَيْئاً مِنْ بَدَنِهِ عَلَى شَيْ‌ءٍ مِنْهُ فِي رُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ، وَكَانَ مُجَّنِّحاً،[2] وَلَمْ يَضَعْ ذِرَاعَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَلَى هَذَا -وَيَدَاهُ مَضْمُومَتَا الْأَصَابِعِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي التَّشَهُّدِ- فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ التَّشَهُّدِ سَلَّمَ، فَقَالَ: يَا حَمَّادُ هَكَذَا صَلِّ.(6)
وَلَا تَلْتَفِتْ، وَلَا تَعْبَثْ بِيَدَيْكَ وَأَصَابِعِكَ، وَلَا تَبْزُقْ عَنْ يَمِينِكَ، وَلَا يَسَارِكَ، وَلَا بَيْنَ يَدَيْكَ.
(7) انتهت الرواية.
في الحقيقة إننا أمام نص رائع بيّن فيه الإمام عليه السلام دقائق وتفاصيل الصلاة التامة، أي: المشتملة على المُستحبات في الأفعال والأقوال وكيفيتها حتى على مستوى التنفس في الصلاة.
 


1ـ أي: لا بأس عليك بالعمل بكتاب حريز.
2.  قال شيخنا البهائى: الترتيل: التأنى وتبيين الحروف بحيث يتمكن السامع من عدها، مأخوذة من قولهم: ثغر رتل ومرتّل إذا كان مفلجا، وبه فسر قوله تعالى:« وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا»، وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه حفظ الوقوف وبيان الحروف. أى: مراعاة الوقف والحسن والإتيان بالحروف على الصفات المعتبرة من الهمس والجهر والاستعلاء والاطباق والغنّة وأمثالها والترتيل بكل من هذين التفسيرين مستحب، ومن حمل الأمر في الآية على الوجوب فسر الترتيل بإخراج الحروف من مخارجها على وجه يتميز، ولا يندمج بعضها في بعض.( آت)
3ـ هنيّة بضم الهاء وتشديد الياء، بمعنى: الوقت اليسير.
4ـ الجن: 17.
5. أي: رافعا مرفقيه عن الأرض حال السجود جاعلا يديه كالجناحين فقوله:«لم يضع» عطف تفسيرى، وقوله:« وصلى ركعتين على هذا» قال الشيخ- رحمه اللّه-: هذا يعطى أنه عليه السلام قرأ سورة التوحيد في الركعة الثانية أيضا وهو ينافي المشهور بين أصحابنا من استحباب مغايرة السورة في الركعتين وكراهة تكرار الواحدة فيهما إذا أحسن غيرهما، كما رواه عليّ بن جعفر عن أخيه الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ما يمال إليه بعضهم من استثناء سورة الإخلاص عن هذا الحكم، وهو جيد، ويعضده ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله صلى ركعتين، وقرأ في كل منهما قل هو اللّه أحد، وكون ذلك لبيان الجواز بعيد، ولعلّ استثناء سورة الإخلاص بين السور واختصاصها بهذا الحكم؛ لما فيه مزيد الشرف والفضل.( آت)
6ـ الكافي: الشيخ الكليني ، جلد : 3  صفحه : 312 ، ط الاسلامية.
7ـ من لا يحضره الفقيه: الشيخ الصدوق ، جلد : 1  صفحه : 302


 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه