مجلة ريحانة الالكترونية

درة الصدف

بنت عبد الله بن عمر الأنصاري، الشهيدة في سبيل رأس الإمام الحسين بن علي(عليه السلام). في سير أعلام النساء نقلاً عن الدربندي في أسرار الشهادة، عن أبي مخنف أنّه قال:
لما جرّد بالموصل ثلاثون سيفاً تحالفوا على قتل خولي لعنه الله ومن معه، فبلغه ذلك ، فلم يدخل البلد وأخذ على تل عفراء ثم على عين الوردة، وكتبوا إلى صاحب حلب أن تلقانا فإنّ معنا رأس الحسين الخارجي، فلمّا وصل الكتاب إليه علم به عبد الله بن عمر الأنصاري، فعظم ذلك عليه وكثر بكاؤه وتجدّدت أحزانه؛ لأنّه كان في زمن

الرسول(صلى الله عليه وآله).
فلمّا بلغه سم الحسن(عليه السلام) وموته، مثّل في منزله قبراً وجلّله بالحرير والديباج، وكان يندب الحسن ويرثيه ويبكي عليه صباحاً ومساءً.
فلمّا بلغه حينئذٍ قتل الحسين(عليه السلام) وحمل رأسه إلى يزيد ووصوله إلى حلب، دخل منزله وهو يرعد ويبكي، فلقته ابنته درّة الصدف فقالت: ما بك يا أبتاه، لا بكى بك الدهر ولا نزل بقومك القهر، أخبرني عن حالك؟
فقال لها: يا بنيّة إنّ أهل الشقاق والنفاق قتلوا حسيناً وسبوا حريمه، والقوم سائرون بهم إلى اللعين يزيد، وزاد نحيبه وبكاؤه، وجعل يقول:
                           قلّ العزاء وفاضت العينان                  وبليتُ بالأرزاء والأشجان
                           قتلوا الحسين وسيّروا نساءه                 حرم الرسول بسائر البلدان
                           منعوه من ماء الفرات بكربلا                وعدت عليه عصابة الشيطان
                           سلبوا العمامة والقميص ورأسه              قسراً يعلّى فوق رأس سنان
فقالت له ابنته: يا أبتاه لا خير في الحياة بعد قتل الهداة، فوالله لاحرّضنّ في خلاص الرأس والأسارى، وآخذ الرأس وأدفنه عندي في داري، وأفتخر به على أهل الأرض إن ساعدني الإمكان.
وخرجت درّة وهي تنادي في أطراف حلب وأزقتها: قُتل يا ويلكم الإسلام، ثم دخلت منزلها ولبست درعاً وتأزّرت بالسواد، وخرجت معها من بنات الأنصار وحمير سبعون فتاة بالدروع والمغافر، فتقدّمتهن فتاة يقال لها نائلة بنت بكير بن سعد الأنصاري، وسرن من ليلتهن حتى إذا كان عند طلوع الشمس إذ لاحت لهنّ الغبرة من البعد و لاحت الأعلام وضربت البوقات أمام الرأس، فمكنت درة الصدف ومن معها حتى قرب القوم منهنّ فسمعن بكاء الصبيان ونوح النساء، فبكت درّة الصدف ومن معها بكاءً شديداً وقالت: ما رأيكنّ؟ قلن الرأي أن نصبر حتى يقربوا منّا وننظر عدّة القوم، حتى إذا طلعت الرايات وإذا تحتها رجال قد تلثّموا بالعمائم وجردوا السيوف وشرعوا الرماح، والبيض تلمح، والدروع تسمع، وكل منهم يرتجز.
فأقبلت درة الصدف عليهن وقالت: الرأي أن نستنجد ببعض قبائل العرب ونلتقي القوم، وتوجّه جيش يزيد إلى حلب ودخلوا من باب الأربعين.
وقال: قالت درّة الصدف مالنا ألاّ نكتب أهل حلب فينجدنا عسكرهم، فأرسلت إليهم، فجاء ستة ألاف فارس وراجلٌ فتواصلت الجيوش من كلّ مكان، وأقام كلّ منهم القتال أياماً فتكاثرت الجيوش على درّة الصدف ومن معها فقالوا: جاءنا مالا طاقة لنا به، ولم يزل يقاتلون القوم إلى أن قتلت درة الصدف، وقتل من أهل المدينة ستة رجال واثنتا عشرة امرأة(1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ سير أعلام النساء 2 : 70 نقلاً عن أسرار الشهادة للدربندي: 498 .

رابط الموضوع

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه