مجلة ريحانة الالكترونية

تكافل الفقراء والمساكين (2)

كانت الشريعة توقظ في نفوس المسلمين العاطفة الدينية تجاه الفقراء والمساكين ،

وتدعم توجهاتها الاجتماعية هذه بمبدأ ( الثواب الاُخروي ) لتحقيق هذه الغاية النبيلة ، جاء في وصية أمير المؤمنين لأبنه الحسن عليهما‌السلام : « وإذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل لك زادك إلى يوم القيامة فيوافيك به غداً حيث تحتاج إليه فاغتنمه وحمّله إيّاه ، وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه فلعلك تطلبه فلا تجده... » (١).
وقد بذل أئمة أهل البيت عليه‌السلام أقصى ما يستطيعون من جهد في سبيل إعانة الفقراء والمساكين بعد أن وجدوا أن السلطات الحاكمة كانت تستأثر بالأموال وتقصّر في أداء الحقوق المفروضة للفقراء وتتركهم فريسة العوز والفاقة ، وعلى سبيل الاستشهاد كان إمامنا السجاد عليه‌السلام يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب على ظهره حتّى يأتي الفقراء باباً باباً ، فيقرعه ثم يناول من كان يخرج إليه ، وكان يغطّي وجهه إذا ناول فقيراً لئلا يعرفه ، فلما توفي عليه‌السلام فقدوا ذلك ، فعلموا أنه كان علي بن الحسين (٢).
وكان هذا الإمام العظيم يتبع شتى الأساليب لترغيب الناس على التصدق على المساكين ويبرز المردودات الإيجابية التي تلحق المنفق ، ومنها دعاء المسكين له واستجابة الله عزّ وجل لدعائه ، قال عليه‌السلام : « ما من رجل تصدق على مسكين مستضعف ، فدعا له المسكين بشيء تلك الساعة إلاّ استجيب له » (٣).
وكان ائمتنا : يفتحون نافذة الوعي عند الناس لإدراك أهمية التكافل مع الفقير ، وكانوا يحرصون على عدم إراقة ماء وجه الفقراء لذلك اتبعوا أسلوب التخفي في العطاء ، وكانوا يحثون على صيانة كرامة الفقير وعدم الاستخفاف به اقتداءً برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي يقول : « ألا ومن استخفّ بفقير مسلم فقد استخفّ بحقّ الله ، والله يستخفّ به يوم القيامة ، إلاّ أن يتوب » (4).
وهكذا نجد أن تكفّل الفقير والمسكين كان بمثابة حجر الزاوية في توجهات مدرسة أهل البيت : الاجتماعية.
***********************
(١) نهج البلاغة / ضبط صبحي الصالح ، الكتاب (٣١).
(٢) الخصال / الشيخ الصدوق : ٥١٧.
(٣) ثواب الأعمال : ١٤٥.
(4) من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق ٤ : ١٣ ، جماعة المدرسين ، ط ٢ ـ ١٤٠٤ ه‍.

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه