مجلة ريحانة الالكترونية

تكافل الفقراء والمساكين (1)

الفقراء والمساكين يأتون في المرتبة الثانية من الاهتمام بعد فئة الأيتام ، والقرآن يحث على الإنفاق على

هذه الفئة ، قال تعالى : ( وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ * لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا... ) (١). فالفقراء والمساكين يستحقّون التكفّل والنفقة بنصّ القرآن ، قال تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ... ) (٢) وفي معرض تفسيره لهذه الآية يفرّق الإمام الصادق عليه‌السلام بين الفقير والمسكين والبائس بقوله : « الفقير الذي لا يسأل الناس ، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم » (٣).
والإسلام يريد أن تكون العلاقة بين الغني والفقير علاقة تكافل وتعاون ، لذلك فرض على الأغنياء كفالة الفقراء ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إنّ الله فَرَضَ في أموالِ الأغنياء أقواتَ الفُقراء ، فما جاع فقيرٌ إلاَّ بما متع به غني ، واللهُ تعالى سائلهم عن ذلك » (٤).
والإمام الصادق عليه‌السلام يؤكد هذه الحقيقة المهمة بقوله : « إن الله عزّوجلّ فرض للفقراء في أموال الأغنياء ممّا يكتفون به ، ولو علم الله أنّ الذي فرض لهم لم يكفهم لزادهم ، فإنّما يؤتى الفقراء فيما أوتوا من منع من منعهم حقوقهم ، لامن الفريضة » (٥).
وقال عليه‌السلام : « إنّ الله تعالى خلق الخلق كلهم صغيرهم وكبيرهم ، فعلم صغيرهم وكبيرهم ، وعلم غنيهم وفقيرهم ، فجعل من كل ألف إنسان خمسة وعشرين مسكيناً ، فلو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم ، لانه خالقهم وهو أعلم بهم » (6).
وعلى ضوء ما تقدم نجد أن النظام الاقتصادي الإسلامي قد حلّ مشكلة الفقر من خلال مبدأ التكافل ، وتوسيع المشاركة الاجتماعية بحيث يكفل الغني الفقير. فشيوع ظاهرة الفقر في المجتمعات الإسلامية لا يمكن إرجاعها لضعف أو قصور في النظام الاقتصادي الإسلامي ، بل لتقصير الأغنياء في كفالة الفقراء وتبديلهم نعمة الله كفراً. كما أخبر أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله : « اضربْ بطرفك حيث شئت من النَّاس ، فهل تبصر إلا فقيراً يكابدُ فقراً ، أو غنياً بدّلَ نعمة الله كفراً... » (7). فالتقصير ينصب بالدرجة الأساس على الأغنياء ، لذلك كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يحمّلهم ـ بصورة أساسية ـ مسؤولية تفشي الفقر في المجتمع بقوله : « ولا يعُولُ غَنيهم فقيرهم » (8).
*****************************
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٧٢ ـ ٢٧٣.
(٢) سورة التوبة : ٩ / ٦٠.
(٣) تفسير نور الثقلين ٣ : ٤٩١ ، تفسير الآية (٩٠) من سورة التوبة.
(٤) تصنيف نهج البلاغة / لبيب بيضون : ٦٢٨.
(٥) علل الشرائع / الشيخ الصدوق ٢ : ٣٦٩ / ٢ ، باب ٩٠ ، علة الزكاة ، المطبعة الحيدرية ، النجف ، ١٣٨٦ ه‍.
(6) علل الشرائع ٢ : ٣٦٩ ، باب ٩١ ، العلة التي من أجلها صارت الزكاة من كل ألف درهم خمسة وعشرين درهماً.
(7) تصنيف نهج البلاغة / لبيب بيضون : ٦٢٧.
(8) المصدر السابق : ٦٢٧

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه