مجلة ريحانة الالكترونية

تكافل الجار (2)

روى عن علي بن الحسين عليهما‌السلام ، قال : « من بات شبعان وبحضرته مؤمن طاوٍ

، قال الله عز وجل : ملائكتي ، أشهدكم على هذا العبد ، أنني أمرته فعصاني ، وأطاع غيري ، وكلته إلى عامله ، وعزتي وجلالي لا غفرت له أبدا » (١).
فهذه الروايات بطرقها المتعددة وألفاظها المختلفة تصرح بصورة واضحة بضرورة التكافل مع الجيران وخاصة الشق المادي منه ، أما التكافل المعنوي معهم فقد أشار الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله إليه في معرض كلامه عن الحقوق المترتّبة للجار ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن استغاثك أغثته ، وإن استقرضك أقرضته ، وإن افتقر عدت إليه ، وإن أصابته مصيبة عزّيته ، وإن أصابه خير هنّأته ، وإن مرض عدته ، وإن مات اتبعت جنازته... ولا تؤذه بريح قدرك إلاّ أن تغرف له منها » (٢).
ضمن هذا السياق حذّر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أشدّ التحذير من التقصير في حق الجار ، وكشف عن العواقب السلبية لمن أساء لجيرانه أو قصّر في التكافل معهم ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من منع الماعون جاره منعه الله خيره يوم القيامة ، ووكله إلى نفسه ، ومن وكله إلى نفسه فما أسوأ حاله » (٣).
وكان أهل البيت : يسيرون على نهج الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ويقتدون به ، فكانوا يحثون أتباعهم على البّر بالجار ، ويعملون على إشاعة روح التعاون مع الجيران ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « من حُسن الجوار تفقُّد الجار » (٤).
تمعّن في هذا الدّعاء من أدعية الصحيفة السجادية ، الذي يقدم لنا رؤية تكافلية كاملة ( أدبية ومادية ) : « اللّهُمَّ تولّني في جيراني بإقامة سُنتَّك ، والأخذ بمحاسن أدبك في إرفاق ضعيفهم ، وسدَّ خَلتَّهم ، وتعهد قادمهم ، وعيادة مريضهم ، وهداية مسترشدهم ، وكتمان أسرارهم ، وستر عوراتهم ، ونصرة مظلومهم ، وحُسن مواساتهم بالماعون ، والعود عليهم بالجدَة والإفضال ، وإعطاء ما يجبُ لهم قبل السؤال والجود بالنوال يا أرحم الراحمين » (5).
**************************
(١) عوالي اللآلي / الأحسائي ١ : ٣٤٤ / ١٢١.
(٢) مسكن الفؤاد / الشهيد الثاني : ١٠٥ ، مؤسسة آل البيت لاحياء التراث ، ط ١.
(٣) أمالي الصدوق : ٥١٥ ، المجلس (٦٦).
(٤) تحف العقول : ٨٥.
(5) الصحيفة السجادية الكاملة : ١٣٢ دعاء ٢٦ ، نشر وتحقيق مؤسسة الإمام المهدي عليه‌السلام ، ط ١.

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه