مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية

يمر الإنسان بالكثير من المراحل في حياته، وأول هذه المراحل وأهمها هي مرحلة الطفولة التي يبدأ فيها الإنسان بالنمو، وفيها يلتقط، ويجمع، ويتزود بالأفكار  من أجل البقاء بالحياة واستمرارها؛ لذلك إن ما يتعلّمه الطفل في تلك الفترة، والطريقة التي يعيش بها

هي التي تحدد مستقبله، ولا ننسى أن التعليم في الصغر كالنقش في الصخر، فما يتعلمه الطفل يبقى معه على مدي الحياة، وبناء عليه لا بد من تأسيس الطفل تأسيساً صحيحاً، والتعامل معه بجميع الأساليب السليمة التي تجعله مستقيماً في حياته، ويتصرف بشكلٍ جيد.
قال الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام: «تُسْتَحَبُّ عَرَامَةُ الصَّبِیِّ فِی صِغَرِهِ؛ لِیَكُونَ حَلِیماً فِی كِبَرِهِ، ثُمَّ قَالَ مَا یَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ إِلَّا هَكَذَا».(1)
إنّ الحب الذي يكون بين الطفل ووالديه هو من أفضل معاني الحب وهذا الحب يفرض على الطرفين من تأدية حقوق متقابلة مبتنية على الألفة والاحترام، وعليه يجب على الوالدين العمل المضاعف لتأديب وتحميل الطفل نوعاً من المسؤولية؛ ليدرك قيمة الحياة، ويواجه الصعوبات شيئا فشيئا من أول حياته، حتى يتمكن من مواجهة المشكلات والظروف الصعبة في كبره، ويحلها بسهولة، وللأسف فإن البعض يتركون أطفالهم من دون أي تأديب وتربية، ويقولون "إنه طفل"، وبفعلهم هذا يعتقدون أنهم يحسنون صنعاً، فهم في حقيقة الأمر يسيئون إلى أنفسهم وإلى الطفل، ويقدّمون للمجتمع إنسانا غير صالح.
 وقد ذكرنا في الفقرات السابقة حديث الإمام الكاظم عليه السلام: "تستحب عرامة الغلام في صغره "، فإنّ المراد بالعرامة حمله على الأمور الشاقة،(2) فالحديث يرمي إلى أن من الضرورة أن يدرب الإنسان من صغره على بعض المسؤوليات، ثم مؤاخذته عليها؛ لأنّ ذلك يهيئه، ويحمله على الاستقامة في مستقبله، وإنّ بكاء الطفل صغيراً بفعل التأديب الذي تفرضه العملية التربوية يتحوّل – في الغالب – إلى سرور وفرحة في المستقبل، وهو بالتأكيد أفضل من بكائه وندمه كبيراً، حيث لا ينفعه الندم ولا يجدي البكاء، والوجه في ذلك: أنّ معاناة الإنسان في بداية حياته لها بالغ الأثر في صقل شخصيته وتنمية مواهبه وتفجير طاقاته؛ "ليكون حليماً في كبره"، وتتمة حديث الإمام الكاظم عليه السلام، فالحلم صفة جميلة لا يمتلكها جميع أفراد البشر، بل هذه الخصلة لابد من تنميتها في الصغر.
ـــــــــــــــــــــــــ
1ـ الكافي: ج ‏6، ص 51.
2ـ الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام: ج 2، ص 1559.