مجلة ريحانة الالكترونية
عنوان الموقع : مجلة ريحانة الالكترونية
هناك أشياء في الكون تؤثر على حياة الإنسان، وتجعله يشعر في السعادة والطمأنينة مرتاح البال وراض بما يجري عليه، وقانعاً بالقضاء والقدر الذي رسمه الباري عزّ وجل له، كيف يصل الإنسان إلى هذه المرحلة المهمة في الحياة؟
من أهم العوامل التي تؤهل الإنسان للوصل إلى هذه القناعة المحبة الإلهية؛ لأنها هي كل شيء في الحياة، وذلك عندما يجد الإنسان الباري عزّ وجل معه في كل مراحل حياته في حركاته وسكناته، ويلمس أن هناك من يعينه ويقيل عثراته، بل  يسدد له كل نقيصة، ويقضي حوائجه، فهنا  يتحقق قول سيدنا ومولانا الحسين بن عليه صلوات الله عليه: «مَاذَا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ وَمَا الّذِى فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ؟». (1)
فهنا الإنسان يصل إلى الطمأنينة بأن كل ما يحصل له في عين الله تعالى، وهذا ما يريده الباري منا أن نعرفه كما بيّن لنا ذلك الإمام الحسين عليه السلام: «اَيّهَا النّاسُ! إِنّ اللّهَ جَلّ ذِكْرُهُ مَا خَلَقَ الْعِبَادَ إِلاّ لِيَعْرِفُوهُ، فَإِذَا عَرَفُوهُ عَبَدُوهُ، فَإِذَا عَبَدُوهُ اسْتَغْنَوْا بِعِبَادَتِهِ عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ». (2)
فنرى هنا أن العبد يستغني عن سوى خالقه ومعينه عزّ وجل بمعرفته، ولكن العبادة التي يحبها سبحانه وتعالى بأي شكل لا بد أن تكون؟! حتى نعبده كما يحب هو، فهذه الأمر أيضا يبينه لنا الإمام الحسين عليه السلام، ويقول: «إِنّ قَوْماً عَبَدُوا اللّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التّجّارِ، وَإِنّ قَوْمَاً عَبَدُوا اللّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ، وَإِنّ قَوْمَاً عَبَدُوا اللّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الاَحْرَارِ، وَهِىَ اَفْضَلُ الْعِبَادَةِ». (3)
ولهذه العبادة أجر عظيم أكثر من سائر العبادات بأنه عزّ وجل يجازيه في أمانيه، وإلى هذا المعنى أشار الإمام الحسين عليه السلام: «مَنْ عَبَدَ اللّهَ حَقّ عِبَادَتِهِ آتاهُ اللّهُ فَوْقَ اَمَانِيهِ وَكِفَايَتِهِ». (4)
فمن كان كذلك، فلا يخيب ظنه بالله تعالى، ويكون في حالة استقرار عكس الذي ارتضى أن يعبد غير الله عزّ وجل، فيقول الإمام الحسين عليه السلام: «لَقَدْ خَابَ مَنْ رَضِىَ دُونَكَ بَدَلاً». (5)
وأهم ما في هذه الدنيا أن يعلم الإنسان بأن الله تعالى يحبه؛ لأنه هو أرحم الراحمين، يحب عبده أكثر من غيره، فلابد للعبد أن يعرف هذا الإمر، وإلاّ قد خسر دنياه وآخرته، فورد عن الإمام الحسين عليه السلام في هذا المقصد: «خَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبّكَ نَصِيباً». (6)
فإذا كان الإنسان ملتزماً بهذه الأمور تجده في مستوى رفيع من الطمأنينة والتسليم لأمر الله؛ فتظهر عليه صفتين بارزتين كل ذلك لطف من الله عزّ وجل عليه، وروي عن الإمام الحسين عليه السلام أنه قال: «بُكَاءُ الْعُيُونِ وَخَشْيَةُ الْقُلُوبِ رَحْمَةٌ مِنَ اللّهِ». (7) فيكون العبد منغمراً في رحمة ربه.
 
 

1ـ بحار الأنوار: ج 95، ص 226.

2ـ بحار الأنوار: ج ۵، ص ۳۱۲، ح ۱.

3ـ تحف العقول: ص ۲۷۹، ح ۴.

4ـ بحار الأنوار: ج ۶۸، ص ۱۸۴، ح ۴۴.

5ـ بحار الأنوار: ج ۹۵، ص ۲۱۶، ح ۳.

6ـ بحار الأنوار: 64، ص 142.

7ـ مستدرك الوسائل: ج ۱۱، ص ۲۴۵، ح ۳۵.