مجلة ريحانة الالكترونية

بر الوالدين في كلام صادق آل محمد

يمثّل بيت الأُسري ملتقَى الطفل بأناس هم أقرب الناس إليه رحماً وأنساً، يقلّدهم فيما يراه منهم من أعمال وأفعال، ويردّد ما يسمعه من كلامهم، وينعكس عليه سلوك الغير، وكأنه صفحة بيضاء خالية يستطيع كلّ أحد أن يملأها بما يشاء، فهنا تكون مسؤليّة الأبوين خطيرة وثقيلة؛ فعليهما أن يصنعا جواً مملوء بالحب والحنان والعاطفة والاحترام.

نعم، الاحترام الذي لابد على الوالدين أن يتعاملا به مع جميع أفراد العائلة وبالخصوص مع أبويهما، ولابد أن يعلما أن كيفية احترامهما وتعاملهما مع أبويهما سوف يكون هو النموذج لأبناهم في التعامل معهم، فعليهما أن يلتزما بتعاليم الإسلام التي جاءت؛ لتجعل الناس يعيشون مع بعضهم في أجمل وأروع الصور الإنسانية.

ويوضّح لنا الأمر الإمام الصادق عليه السلام حين سأله أحد أصحابه عن الإحسان المقصود في الآية المباركة تجاه الوالدين، فورد عن أبي ولاد الحناط قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)(1) ما هذا الإحسان؟ فقال: الإحسان أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه، وإن كانا مستغنيين(2) أليس يقول الله عز وجل: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).(3) قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: وأما قول الله عز وجل: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا)(4) قال: إن أضجراك فلا تقل لهما: أف، ولا تنهرهما إن ضرباك، قال:(وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)(5) قال: إن ضرباك فقل لهما: غفر الله لكما، فذلك منك قول كريم، قال (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ)(6) قال: لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلا برحمة ورقة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدم قدامهما.(7)

وإذا أردنا نموذجاً يُقتدى به كتجسيد عملي لكلّ دنيا الحقوق والواجبات لأفراد العائلة الواحدة، فأهل البيت عليهم السلام هم القدوة في ذلك قبل غيرهم، والمثال لجميع البشر، فقد كان بيئتهم العائلية مزدانة بأسمى آيات الرفق وحسن الخلق والمداراة والتقدير والاحترام، ومفعمة بروح الودّ والمحبّة والوفاء وخالية من كلّ سخط وسوء خلق وإيذاء، فما من برّ وإحسان وإجابة وطاعة إلاّ كانوا لها مبادرين، وما من عقوق وعصيان وبغض وظلم إلاّ كانوا عنه معرضين، ولم تجد في دنيا الأرض كمثلهم طباعاً وأدباً وخلقاً، فنعم الأُبوّة أُبوّتهم، ونعم الأًمومة أُمومتهم، ونعم البُنوّة بُنوّتهم.

ــــ

1ـ سورة الأسراء: 23.

2ـ أي يمكنهما تحصيل ما احتاجا إليه بمالهما.

3ـ سورة آل عمران: 92.

4ـ سورة الأسراء: 23.

5ـ سورة الأسراء: 23.

6ـ سورة الأسراء: 24.

7ـ الكافي: ج2، ص 157.

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه