مجلة ريحانة الالكترونية

امرأة المختار عمرة بنت النعمان

قال أبو مخنف: حدثني أبو علقمة الخثعمي أن المصعب بعث إلى أم ثابت بنت سمرة بن جندب امرأة المختار وإلى عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاري- وهي امرأة المختار- فقال لهما: ما تقولان في المختار؟

فقالت أم ثابت: ما عسينا أن نقول! ما نقول فيه إلا ما تقولون فيه أنتم، فقالوا لها: اذهبي.
وأما عمرة فقالت: رحمة الله عليه، إنه كان عبداً من عبادِ الله الصالحين.
فرفعها مصعب إلى السجن، وكتب فيها إلى عبد الله بن الزبير أنها تزعم أنه نبي، فكتب إليه أن أخرجها فاقتلها.
فأخرجها بين الحيرة والكوفة بعد العتمة، فضربها مطر ثلاث ضربات بالسيف، ومطر تابع لآل قفل من بني تيم الله بن ثعلبة، كان يكون مع الشرط.
فقالت: يا أبتاه، يا أهلاه، يا عشيرتاه! فسمع بها بعض الأنصار، وهو أبان بن النعمان بن بشير، فأتاه، فلطمه، وقال له: يا ابن الزانية، قطعت نفسها قطع الله يمينك! فلزمه حتى رفعه إلى مصعب.
فقال: إن أمي مسلمة، وادعى شهادة بني قفل، فلم يشهد له أحد.
فقال مصعب: خلوا سبيل الفتى؛ فإنه رأى أمراً فظيعاً.
فقال عمر بن أبي ربيعة القرشي في قتل مصعب عمرة بنت النعمان بن بشير:
إن من أعجب العجائب عندي ... قتل بيضاء حرة عطبول
قتلت هكذا على غير جرم ... إن لله درها من قتيل
كتب القتل والقتال علينا ... وعلى المحصنات جر الذيول(1)
إن حادثة عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصارية من أروع الحوادث التي تدلنا على تمسك المرأة المؤمنة بالعقيدة والوقوف بجانب الحق مما جعلها تسير في صف أعاظم الرجال.
وكان المختار بعلها قديم الصلة بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله منذ نعومة أظافره، فتربى عندهم ونشأ بينهم، لأنه قد انتقل إلى المدينة مع أبيه في زمن عمر، وتوجه أبوه إلى العراق، فاستشهد يوم الجسر، وبقي المختار في المدينة، منقطعاً إلى بني هاشم عليهم السلام. (2)
واستمر تردده على بني هاشم يأخذ عنهم الأدب والعلم، وبعد فترة من صلح الإمام الحسن بن علي عليهما السلام عاد من الكوفة إلى المدينة، وكان يجالس محمد بن الحنفية، ويأخذ عنه الأحاديث. (3)
فكانت عمرة بنت النعمان من خيرة نساء زمانها، حيث وقفت أمام سطان جائر، وقالت كلمة الحق، وكيف لا تكون كذلك وهي شاركت زوجها، وشجّعته على أخذ ثأر ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، فسلام الله عليها وعلى زوجها ذلك البطل المقدام المختار الثقفي.
 


1ـ تاريخ الطبري: ج 6، ص 112.
2ـ الأعلام: ج8، ص70.


 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه