مجلة ريحانة الالكترونية

السيدة ام كلثوم عليها السلام

 
الصدقة حرامٌ علينا
عوالم سيّدة النّساء 2/ قال:وعند دخول السبايا مدينة الكوفة بتلك الحالة المزرية التي يحدّثنا بها التاريخ، كانت أمّ كلثوم تنظر إلى ذلك وقد اشتدّ بها الوجد، وأمضَّ بها المصاب، وزاد في وجدها أن ترى أهل الكوفة يناولون الأطفال الذين على المحامل بعض التمر والخبز والجوز، فصاحت بهم:
يا أهل الكوفة، إن الصدقة علينا حرام، وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وأفواههم وترمي به إلى الأرض. قال مسلّم الجصّاص: والنّاس يبكون على ما أصابهم.
ثم إنّ أمّ كلثوم أطلعت رأسها من المحمل وقالت لهم: صه يا أهل الكوفة، تقتلنا رجالكم، وتبكينا نساؤكم! والحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء
 
لئن ظاهرتما عليه
عوالم سيّدة النّساء 2/ 1013: قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة:لمّا نزل عليّ (عليه السّلام) بذي قار كتبت عائشة إلى حفصة بنت عمر: أمّا بعد، فإنّي أخبرك أنّ عليّاً قد نزل ذا قار، وأقام بها مرعوباً خائفاً لِمَا بلغه من عدّتنا وجماعتنا، فهو بمنزلة الأشقر إن تقدّم عقر، وإن تأخّر نحر. فدعت حفصة جواري لها يتغنّين ويضربن بالدفوف، فأمرتهنّ أن يُقْلنَ في غنائهن: ما الخبر ما الخبر، عليّ في السفر، كالفرس الأشقر، إن تقدّم عقر، وإن تأخّر نحر، وجعلت بنات الطلقاء يدخلن على حفصة ويجتمعن لسماع ذلك الغناء؛ فبلغ أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فلبست جلابيبها، ودخلت عليهنّ في نسوة متنكّرات، ثمّ أسفرت عن وجهها، فلمّا عرفتها حفصة خجلت واسترجعت. فقالت أمّ كلثوم:
لئن ظاهرتما عليه منذ اليوم لقد تظاهرتما على أخيه من قبل فأنزل الله فيكما ما أنزل. فقالت حفصة: كُفّي رحمك الله، وأمرت بالكتاب فمزّق ( اشارة إلى ما أنزل الله تعالى ( ((وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ)) التحريم، 4.
 
ما لكم خذلتم حسيناً
اللهوف 67-68
قال: وخطبت أمّ كلثوم بنت عليّ (عليه السّلام) في ذلك اليوم الذي أدخلوهم الكوفة من وراء كلّتها، رافعة صوتها بالبكاء، فقالت:
يا أهل الكوفة، سوأة لكم، ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه وانتهبتم أمواله وورثتموه، وسبيتم نساءه ونكبتموه، فتبّاً لكم وسحقاً.
ويلكم أتدرون أيّ دواة دهتكم؟ وأيّ وزرٍ على ظهوركم حمّلتم؟ وأي دماء سفكتموها؟ وأيّ كريمةٍ أصبتموها؟ وأيّ صبية سلبتموها؟ وأيّ أموال انتهبتموها؟ قتلتم خير رجالات بعد النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، ونزعت الرحمة من قلوبكم ألا إن حزب الله هم الفائزون، وحزب الشيطان هم الخاسرون ثم قالت:
قتلتم أخي صبراً فويلٌ لأمّكم سفتكم دماءً حرّم الله سفكها ألا فابشروا بالنار إنّكم غداً وإنّي لأبكي في حياتي على أخي بدمع غزير مستهلّ مكفكف ستجزون ناراً حرُّها يتوقّدُ وحرّمها القرآن ثم محمّدُ لفي سقرٍ حقاً يقيناً تخلّدوا على خير من بعد النبيّ سيولدُ على الخدّ منّي دائماً ليس يجمد

ُقال الراوي: فضجّ النّاس بالبكاء والنوح، ونشر النّساء شعورهنّ ووضعن التراب على رؤوسهن، وخمشن وجوههنّ، وضربن خدودهنّ، ودعون بالويل والثبور، وبكى الرجال ونتفوا لحاهم، فلم ير باكية وباكٍ أكثر من ذلك اليوم.
 
عذلٌ وعتاب
بحار الأنوار، ج45، ص197-198.
لمّا عاد أهل البيت من سبيهم واقتربوا من مدينة جدّهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) توجّهت أم كلثوم إلى المدينة وجعلت تبكي وتقول:
مدينة جدّنا لا تقبلينا ألا فاخبر رسول الله عنا و أن رجالنا بالطفّ صرعى و أخبر جدّنا أنّا أسرنا و رهطك يا رسول الله أضحوا و قد ذبحوا الحسين ولم يراعوا فلو نظرت عيونك للأسارى رسول الله بعد الصون صارت و كنت تحوطنا حتى تولت أفاطم لو نظرت إلى السبايا أفاطم لو نظرت إلى الحيارى أفاطم لو رأيتينا سهارى و أفاطم ما لقيتي من عداكي فلو دامت حياتك لم تزالي و عرج بالبقيع وقف وناد و قل يا عم يا حسن المزكى أيا عمّاه إن أخاك أضحى بلا رأس تنوح عليه جهرا و لو عاينت يا مولاي ساقوا على متن النياق بلا وطاء مدينة جدنا لا تقبلينا خرجنا منك بالأهلين جمعاً و كنا في الخروج بجمع شمل و كنا في أمان الله جهراً و مولانا الحسين لنا أنيس فنحن الضائعات بلا كفيل و نحن السائرات على المطايا و نحن بنات يس وطه و نحن الطّاهرات بلا خفاء و نحن الصابرات على البلايا ألا يا جدّنا قتلوا حسينا ألا يا جدّنا بلغت عدانا لقد هتكوا النّساء وحملوها و زينب أخرجوها من خباها سكينة تشتكي من حرّ وجدٍ و زين العابدين بقيد ذلٍ فبعدهم على الدنيا تراب و هذي قصَّتي مع شرح حالي فبالحسرات والأحزان جئنا بأنا قد فجعنا في أبينا بلا رؤوس وقد ذبحوا البنينا و بعد الأسر يا جدّا سبينا عرايا بالطفوف مسلّبينا جنابك يا رسول الله فينا على أقتاب الجمال محملينا عيون النّاس ناظرة إلينا عيونك ثارت الأعدا علينا بناتك في البلاد مشتتينا و لو أبصرت زين العابدينا من سهر الليالي قد عمينا و لا قيراط ممّا قد لقينا إلى يوم القيامة تندبينا أيا ابن حبيب رب العالمينا عيال أخيك أضحوا ضائعينا بعيدا عنك بالرمضاء رهينا طيور والوحوش الموحشينا حريما لا يجدن لهم معينا و شاهدت العيال مكشفينا فبالحسرات والأحزان جئنا رجعنا لا رجال ولا بنينا رجعنا حاسرين مسلّبينا رجعنا بالقطيعة خائفينا رجعنا والحسين به رهينا و نحن النائحات على أخينا نشال على جمال المبغضينا و نحن الباكيات على أبينا و نحن المخلصون المصطفونا و نحن الصادقون الناصحونا و لم يرعوا جناب الله فينا مناها واشتفى الأعداء فينا على الأقتاب قهرا أجمعينا و فاطَمْ والهٌ تبدي الأنينا تنادي الغوث ربّ العالمينا و راموا قتله أهل الخؤونا فكأس الموت فيها قد سقينا ألا يا سامعون ابكوا علينا
 
 
وا ضيعتنا بعدك
عوالم سيّدة النّساء 2/ 1014 عن اللهوف قال: روى السيّد ابن طاوس (رحمه الله) في كتاب اللهوف وداع الحسين (عليه السّلام) للعائلة، قال:وجعلت أمّ كلثوم تنادي:
واأحمداه، واعليّاه، واأمّاه، واأخاه، واحسيناه، واضيعتنا بعدك يا أبا عبد الله.
فعزّاها الحسين (عليه السّلام) وقال لها: يا أختاه، تعزّي بعزاء الله، فإنّ سكان السماوات يفنون، وأهل الأرض كلّهم يموتون وجميع البريّة يهلكون.
ثمّ قال: يا أختاه، يا أمّ كلثوم، وأنت يا زينب، وأنت يا فاطمة، وأنت يا رباب، انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققنّ عليّ جيباً، ولا تخمشنّ عليّ وجهاً، ولا تقلن هجراً.
 
ارجع يا بنيّ
عوالم سيّدة النّساء، 2/ 1014، عن الخصائص الحسينية قال: روى الشيخ التستري (رحمه الله) استغاثات الحسين (عليه السّلام) يوم عاشوراء، وعزم الإمام زين العابدين (عليه السّلام) على الجهاد، فقال: فأخذ بيده عصاً يتوكّأ عليها، وسيفاً يجرّه في الأرض فخرج من الخيام، وخرجت أمّ كلثوم خلفه تنادي:
يا بنيّ، ارجع، وهو يقول:
يا عمّتاه، ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله، فقال الحسين (عليه السّلام): يا أمّ كلثوم، خذيه، لئلاّ تبقى الأرض خالية من نسل آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)، فأرجعته أم كلثوم.
 
وا أبا القاسماه
عوالم سيّدة النّساء 2/ 1015 قال:...
وبعد مصرع الحسين (عليه السّلام) أقبل فرسه إلى الخيام، ووضعت أم كلثوم يدها على أمّ رأسها، ونادت: وا محمّداه، وا جدّاه، وا أبتاه، وا أبا القاسماه، وا عليّاه، وا جعفراه، وا حمزتاه، وا حسناه، هذا حسين بالعراء، صريع بكربلاء، محزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة والردا، ثمّ غشي عليها.
 
اجعل الرأس أمامنا
بحار الأنوار، ج45/ 304، عن ابن عباس: أنّ أمّ كلثوم قالت لحاجب ابن زياد:.
ويلك هذه الألف درهم خذها إليك واجعل رأس الحسين أمامنا واجعلنا على الجمال وراء النّاس ليشتغل النّاس بنظرهم إلى رأس الحسين عنّا فأخذ الألف وقدم الرأس فلمّا كان الغد أخرج الدراهم وقد جعلها الله حجارة سوداء مكتوباً على أحد جانبيها ((وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)) وعلى جانب الآخرة ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)).
 
جاء الجواد
مقتل أبي مخنف، ص150، طبعة بيروت:
ثمّ إنّ أمّ كلثوم لمّا سمعت صهيل الجواد وهو مقبلٌ نحو الخيام خرجت في استقباله، فلمّا رأته بتلك الحالة، بلا راكب ولا صاحب، خرجت وبكت وأنشأت تقول:
مصيبي فوق أن أرثي بأشعاري شرّفت بالكأس في صنو فجعت به فاليوم أنظره بالترب مجندلاً كأنّ صورته في كلّ ناحية قد كنت أمّلت آمالاً أسرُّ بها جاء الجواد فلا أهلاً بمقدمه ما للجواد لحاه الله من فرس يا نفس صبراً على الدنيا ومحنتها وأن يحيط بها علمي وأفكاري وكنت من قبل أرعى كلّ ذي جار لولا التحمّل طاشت فيه أفكاري شخص يلايم أوهامي وأخطاري لولا القضاء الذي في حكمه جاري إلاّ بوجه حسين طالب الثار أن لا يحدّل دون الضيغم الضاري هذا الحسين إلى ربّ السما ساري

فلمّا سمع باقي الحرم شعرها خرجن فنظرن إلى الفرس عارياً والسرج خالياً، فجعلن يلطمن الخدود، ويشقّقن الجيوب وينادين: وامحمّداه، واعليّاه، واحسناه، واحسيناه، اليوم مات محمّد المصطفى، اليوم مات محمّد المصطفى، اليوم مات عليّ المرتضى، اليوم ماتت فاطمة الزهراء، ثم بكت أمّ كلثوم وأومت إلى أختها زينب (عليها السّلام) وأنشأت تقول:
لقد حملتنا في الزّمان نوائبه وجار علينا الدهر في دار غربة وأفجعنا بالأقربين وشتّتت وأردى أخي والمرتجى لنوائبي حسين لقد أمسى به الترب مشرقاً لقد حلّ بي منه الذي لو يسيره ويحزنني أنّي أعيش وشخصه فلم يبق لي ركن ألوذ بظلّه تمزّقنا أيدي الزمان وجدّنا ومزّقتنا أنيابه ومخالبه ودبّت بما نخشى علينا عقاربه يداه شملاً عزيزاً مطالبه وعمّت رزاياه وجلّت مصائبه وأظلم من دين الإله مذاهبه أناخ على رضوى تداعت جوانبه مغيّب تحت التراب ترائبه إذا غالني في الدهر ما لا أغالبه رسول الله عمّ الأنام مواهبه

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه