مجلة ريحانة الالكترونية

الخرافة تأتي عند غياب العقل

هناك بعض العادات والتصرفات الغير اللائقة تصدر من الفرد المسلم الملتزم بتعاليم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل بيته صلوات الله عليهم، فالفرد المبتلى ببعض الأمراض الجسمانية أو الروحية يبحث عن أي طريق لعلاجها؛ لكي يتخلص منها، ويرتاح من آثارها، ولكن على الشخص المبتلى أو من يتولى أمره أن يراعي الأمور الشرعية، ولا يخرج عن أطارها، ويجعل التوكل على الله نصب عينه، ويعتقد بأن المؤثر الأول والأخير هو الله تعالى، وما يتشافى به هو مجرد واسطة.
ومع الأسف البعض يقوم بأعمال خارج عن نطاق الشرع والعرف؛ لكي يتخلص من المشكلة أو يتحذر من الوقوع في المشكلة، والحاصل يكون الخرافة التي هي معتقد لا عقلاني أو ممارسة لا عقلانية. والخرافات قد تكون دينية، وقد تكون ثقافية أو اجتماعية، وقد تكون شخصية. من الخرافات الثقافية أو الاجتماعية إيمان كثير من الناس بأن حذوة الفرس مجلبة للخير، وتطُّيرهم بالغراب وما إليه، وتشاؤمهم من الرقم 13، وأخيراً فإن بعض الأفراد يصنعون خرافاتهم بأنفسهم، في كثير من الأحيان، فقد يشتري المرء ورقة يانصيب منتهية برقم معين، فيكسب إحدى الجوائز الكبرى، فلا يكون منه إلا أن يعتقد أن هذا الرقم هو رقمه الميمون فهو لا يشتري بعدُ إلا الأوراق التي تنتهي به. وقد تحل بشخص كارثة في يوم بعينه من أيام الأسبوع، فبتالي يعتقد بأن هذا اليوم يوم شؤم إليه فهو أبداً في خوف من أن تحلّ به على تعاقب الأيام كارثة جديدة، وهكذا.
إن سبب ظهور الخرافة العلمية والعملية في مجال الفكر والتعاليم الدينية يرجع في الأساس إلى سيطرة الجهل، سواءٌ على المستوى النظري أم العملي، كما أن نمو وتكاثر الخرافة يرجع بالدرجة الأولى إلى انتشار الجهل وشلل عملية التفكير العلمي، وهذا خلاف ما جاء به الإسلام على أن الشريعة الغرّاء تحث الإنسان على التفكر والتعقل في كل الأمور، وجعلت لهذه العملية أجر وثواب يفوق حد البشر حيث فضّلت عملية التفكير على العبادة.
قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: (يا علي نوم العالم أفضل من عبادة العابد. يا علي ركعتين يصليهما العالم أفضل من ألف ركعة يصليها العابد. يا علي لا فقر أشد من الجهل، ولا عبادة مثل التفكر).(1)
فالمجتمع الذي يكون فيه عملية التفكر والتعقل سيرة لهم قليل ما تجدهم يقعون في فخ الخرافة أو من يروّج لها، (متوجه نمي شوم ونمي فهم منظور نويسنده را) فهنا نذكر قصة فيها فائدة:
بعض الناس يتشاءم برؤية الأعور فقد خرج أحد الولاة لبعض مهماته، فاستقبله رجل أعور، فتطير به، وأمر به إلى الحبس، فلما رجع أمر بإطلاقه.
فقال: سألتك بالله ما كان جرمي الذي حبستني لأجله؟
فقال: تطيرت بك.
فقال: فما أصبت في يومك برؤيتي؟
فقال: لم ألق إلا خيرا.
فقال: أيها الأمير أنا خرجت من منزلي، فرأيتك، فلقيت في يومي الشر والحبس، وأنت رأيتني فلقيت الخير والسرور فمن أشأم منا؟ والطيرة بمن كانت؟ فاستحيا منه الوالي ووصله.
فبمجرد ما تأمل الوالي وصل إلى الخرافة التي كان يعتقد بها، وكثير من الناس اذا جلس، وتفكر، وتعقل ببعض ما يعتقد به حيث يجد لا أساس لهذه الأمور في تعاليمنا السماوية، ولا جاءت من قبل أحد العلماء الأعلام، فكيف نعتقد بها، ونرتب الأثر عليها، في بعض الأحيان نبتعد عن الطريق الصحيح الذي رسمه لنا الشارع المقدس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ عوالي اللئالي:ج4، ص73.

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه