مجلة ريحانة الالكترونية

الأزمات جزء من الحياة

( 1 )
الأزمات و المشاكل و الابتلاءات جزء من طبيعة الحياة . إنها رفيق من له رأي

قد يختلف فيه مع غيره ، و رفيق من كان له تطلع قد يصطدم مع تطلعات الآخرين ، و صديق الاحتكاك اليومي ، و أحيانا تكون لصيقة بتصرفات الناس « أفرادا و جماعات » التي لا تخلو من الخطأ . فالأزمات بيننا و معنا و لا تنفك عنا شئنا ذلك أم أبيناه ، أظهرنا ذلك أم كتمناه . على صعيد الفرد و الأسرة للأزمات ساحتها و مسرحها و إزعاجها و توتراتها ، من مالية و زوجية و تربوية و عائلية و هكذا . و على صعيد الدول تعصف الأزمات الاقتصادية بأكبر الدول ( أمريكا ) ، و تنفجر الأوضاع اضطرابا و تخريبا و حرقا و إغلاقا للطرقات في فرنسا بين الحين و الآخر ، و في ايرلندا تؤدي المسيرة التي تنظمها جماعة الأورنج البروتستانتية التي تمر بالأحياء الكاثوليكية أزمة دينية و أمنية ، حيث يستعيد البروتستانتيون أمجاد انتصار الملك الانجليزي وليام البروتستانتي على سلفه الكاثوليكي جيمس الثاني عام 1690 ، و تعيش دول أخرى أوضاعا عرفية ، و أزمات أمنية .
( 2 )
تتحرك مواقف أطراف الأزمة عادة في اتجاهين متباعدين ، اتجاه يسعى نحو تصعيدها دون سقف ( علي و على أعدائي ) و اتجاه يسعى للمعالجة و إيجاد الحلول المشرفة و المرضية لطرفي الأزمة ، تتموج أفكار التصعيد و التهدئة في أروقة كل طرف من أطراف الأزمة . و أشد ما يخشاه الإنسان حين الأزمات الأسرية أو الاجتماعية أو السياسية ، هو أن يعلو صوت المستفيدين من بقاء الأزمة للأزمة و التأزم للتأزم فقط و ليس بحثا عن الحل .
فلكل أزمة مستفيدون لا يرضيهم التوصل إلى حلول لمعالجتها ، لأن مصالحهم تتعرض للانقراض ، نشاهد ذلك واضحا في الحروب التي تدر أرباحا هائلة على مصانع الأسلحة ، التي تتمنى ألا تقف حرب إلا بتفجر أخرى في بقعة أخرى من العالم ، و يلحظ ذلك لعصابات السوق السوداء ( تجار الأسلحة ) و المهربين ، و أحيانا تستفيد دول بكاملها حيث ينتعش اقتصادها بنشوب حرب بين دولتين من جيرانها ، و لذلك صح المثل القائل: ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) .
( 3 )
إن ما يساعد و يسمح بالتصعيد هو انعدام الإرادة الجادة في الطرفين أو أحدهما للبحث عن العلاج ، و عدم الاكتراث بمعرفة لب المشكل و جوهره ، و الانشغال بتفاصيل ذيوله ، و اعتبارها المرض الرئيس الذي يحتاج إلى علاج .
و لكي أسوق مثلا مهضوما ، سأستدعي صورة متكررة لزوجة خرجت من منزل زوجها إثر تفجر الوضع بينها و بينه ، فهي ترى أن المشكلة تكمن في تعامل زوجها المتعب معها لسنين عديدة ، و زوجها يرى أن المشكلة تتلخص في خروجها من منزل الزوجية إلى منزل أهلها . لكن عودة الزوجة إلى بيت الطاعة « الزوجي » لن يحول دون خروجها منه مرة أخرى لنفس الأسباب القديمة و لنفس العلة المزمنة ، و بذلك يصبح الاستقرار الزوجي و العائلي في مهب الريح . . كل يوم هو في شأن .
( 4 )
انتقل الكثير من الدول من الارتجال و العفوية في حل أزماتها و مشاكلها إلى حالة النظام العلمي ، عبر التعامل بواسطة اللجان العلمية و الميدانية المتخصصة لدراسة كل مشكلة من مشاكلها على حدة ، لمعرفة أسبابها و المؤثرات فيها و الظروف التي توجدها ، و من ثم التفكير في مخارج تنهي الأزمة أو تحد منها و من آثارها . إن أطراف الأزمة عادة لا يرون الأشياء إلا من منظورها ، و منظورها عادة يكون طاردا لطرف الأزمة الآخر ، أو غير قادر على الجمع بينه و بين رأيه ، و هذا ما يمكن أن ندعي أن اللجان العلمية المتمحصة في دراسة الأزمات و وضع الحلول و العلاجات المناسبة لها قادرة على فعله .
( 5 )
لعل من الحيوية و المحبة في البيت الواحد أن يتقدم الأبناء بوضع علاجات و مقترحات لأي خلاف بين الأب و أحد أبنائه ، و حتى بين الأب و الأم . و من حيوية الأصدقاء ألا يكونوا متفرجين على الخلافات و التوترات القائمة بين أصدقائهم الآخرين ، و من أخوة المجتمع وحقوقه على بعضه أن تساهم أطيافه و شرائحه بالرأي والنصح و التدخل الإيجابي لتبديد أية غيوم يمكن أن تعكر الحياة . أليست هذه هي طبيعة المجتمعات المتآخية و المحبة لبعضها و لسلامها و أمنها ؟ 1 .

    1. الشيخ محمد الصفار ـ « صحيفة اليوم » ـ 7 / 3 / 2009 م ـ 11:31 ص .

رابط الموضوع

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه