مجلة ريحانة الالكترونية

أحكام النشوز والشقاق (1)

١ ـ النشوز بمعنى الترفّع ومنع أداء الحقوق كراهةً ، وتارةً يكون من الزوجة ، واُخرى من الزوج.

 

فأمّا نشوز الزوجة فيتحقّق بخروجها عن طاعة الزوج الواجبة عليها ، وذلك بعدّة أُمور :

 

منها : عدم تمكينه من حقّه في الاستمتاع بها ، ويدخل في عدم التمكين عدم إزالة الأُمور التي تنفّر الزوج عن التمتّع والالتذاذ منها ، وكذلك ترك تنظيف بدنها ، وتزيّنه حسب ما تقتضيه طبيعة الزوج لذلك.

 

ومنها أيضاً خروجها من بيتها من دون إذنه ، ولا يتحقّق النشوز بترك غير الواجب عليها كعدم خدمتها في البيت ونحو ذلك.

 

وأمّا نشوز الزوج فيتحقّق بمنع الزوجة من حقوقها التي وجبت عليه ، كترك الإنفاق عليها ، أو المبيت عندها في ليلتها ، أو هجرها وتركها بالمرّة ، أو إيذائها ومخالفتها دون مبرّر شرعي.

 

أمّا لو صارت الزوجة ناشزة ، فهل تسقط حقوقها الواجبة على الزوج أم لا ؟

 

الجواب : نعم ، فلو منعت الزوج أن يستمتع بها دائماً من دون عذر شرعي فلا تستحقّ النفقة عليه ، سواء خرجت الزوجة من عنده أم كانت معه في البيت ، أمّا لو امتنعت من التمكين في بعض الأحيان بلا عذر شرعي ، أو خرجت من بيتها دون إذنه فلا تسقط نفقتها بذلك على الأحوط لزوماً ، وأمّا المهر فلا يسقط استحقاقها له إذا نشزت.

 

٢ ـ لو نشزت الزوجة سقط حقّها من المبيت والمواقعة كلّ أربعة أشهر ، ويستمر الحال كذلك ما دامت ناشزة وعاصيّة لزوجها ، فلو رجعت وتابت رجعت إليها هذه الحقوق مرّة اُخرى.

 

٣ ـ إذا عصت الزوجة زوجها وصارت ناشزة فيمكن للزوج أن يرجعها إلى طاعته ، وذلك بطرق متعدّدة ، يعمل بها تدريجاً ، فيعظها أوّلاً ، فإن لم تتعظ هجرها وأدار وجهه عنها في الفراش ، أو ترك النوم معها على فراش واحد إذا كان يشاركها في مضجعها من قبل أن تعصيه ، هذا إذا احتمل أن تعود لطاعته بالهجر.

 

فإن لم يؤثّر ذلك أيضاً ضربها إذا كان يأمل رجوعها إلى الطاعة ، ولا يجوز له أن يضربها ضرباً مبرّحاً (١) ، بل يكتفي بأقلّ مقدار يحتمل معه التأثير وحصول الغرض من الضرب ، الذي هو تركها النشوز.

 

وإن لم يجد في الضرب القليل فائدة تدرّج فيه الأقوى فالأقوى ، ولا يحقّ له أن يضربها حتّى يخرج الدم من بدنها ، أو يجعله أسود أو أحمر ، ويشترط أن يكون الضرب لإصلاحها لا التشفّي والانتقام منها ، كما يقوم بعض الرجال بضرب الزوجة سخطاً على أهلها أو أقربائها ; لأنّه لا يستطيع أن يصبّ غيظه إلاّ عليها !!!

 

ولو ضربها وأدّى إلى إدمائها أو اسوداد بدنها فعليه الغرامة ، كما هو المحدّد في باب الجنايات من نوع الجناية ومقدار الغرامة.

 

ولو لم تنفع معها هذه ، الإجراءات جميعاً ، وأصرّت على العصيان ، فلا يجوز للزوج أن يتّخذ ضدّها إجراءً آخر ، كأن يهدّدها قائلاً : أقتلك أو أقطع لسانك ، أو يعدها بأيّ شيء آخر لا يجوز له فعله ، ويجوز له أن يعدها بما هو جائز له كأن يقول لها : إن لم تطيعي أمري أتزوّج عليك أو أطلّقك ، وكذلك لا يجوز له تهديدها بالفعل ، كفرك إذنها أو جرّ شعرها أو حبسها ، أو غير ذلك من الإجراءات ، نعم يجوز له أن يرفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ ليلزمها بما يراه مناسباً له من التعزير وغيره.

 

٤ ـ إذا نشز الزوج على زوجته ـ بمعنى أنّه منعها من حقوقها الواجبة عليه ـ فيحقّ لها أن تطالبه بذلك وتعظه وتحذّره من تركه حقوقها ، فان لم ينفع فيجوز لها أن ترفع الأمر إلى الحاكم الشرعيّ ، ولا يجوز لها أن تهجره أو تضربه أو تعتدي عليه بأيّ نحو كان.

 

٥ ـ لو امتنع الزوج عن بذل نفقة الزوجة المستحقّة لها ، لا التي لم تستحقّها من قبيل الزوجة العاصية كما مرّ ، وكانت أيضاً تطالبه بها لا أنّها ساكته ، ففي هذه الأحوال يجوز لها أن تأخذ نفقتها من أمواله بدون إذنه ، ويجوز لها أيضاً أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ حتى يجبره على الإنفاق ، فإن لم تتمكّن من رفع أمرها لسبب مّا ـ كما إذا كانت في بلد بعيد عن الحاكم الشرعيّ مثلاً ـ واضطرت أن تتخذ وسيلة لتحصيل معاشها لم يجب عليها إطاعته حال اشتغالها وتهيئة معيشتها بنفسها ، وأمّا في غير وقت اشتغالها فالأحوط وجوباً أن لا تترك إطاعته.

 

٦ ـ إذا امتنع الزوج عن الإنفاق مع قدرته عليه ، فرفعت الزوجة أمرها إلى الحاكم الشرعيّ ، أبلغه الحاكم باختيار أحد الأمرين : إما أن ينفق عليها أو يطلّقها ، فإن امتنع عن الأمرين معاً ـ فإن أمكن الإنفاق عليها من ماله ولو ببيع عقاره إذا توقّف الإنفاق عليه ، وإن لم يمكن الإنفاق عليها مطلقاً ولم يمكن إجباره على الطلاق وإعطائها النفقة جاز للحاكم أن يطلّقها إذا طلبت ذلك.

 

وإذا كان الزوج غير قادر على الإنفاق على زوجته وجب عليه طلاقها إذا لم ترض بالصبر معه بدون نفقة ، فإن لم يفعل فيجوز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيأمر الزوج بالطلاق ، فإن امتنع وكان إجباره على الطلاق غير ممكن طلّقها الحاكم بنفسه ، ويكون الطلاق في هاتين الحالتين من نوع الطلاق البائن لا الرجعي ، وهذا الحكم شامل لما إذا كان الزوج غائباً عنها أيضاً.

 

٧ ـ قد نرى بعض الأزواج يمتنعون عن أداء نفقة أزواجهم ، أو يكونون عاجزين عنها ، فيتعمّدون إخفاء محلّ سكونتهم وإقامتهم كي لا يتسنّى للحاكم الشرعيّ أن يتّخذ بشأنهم الإجراءات اللازمة لو رفعت المرأة أمرها إليه ، وحينئذٍ يجوز للحاكم الشرعيّ أن يطلّقها لو طلبت منه ذلك إذا تعذّر عليه القيام بالإجراءات التي سبق ذكرها من إبلاغه وإجباره وغير ذلك.

 

__________________

(١) الضرب المبرّح : هو الذي يترك الأثر على البدن.

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه